بها، فإن خلقه لعبده أصل إنعامه عليه، ونعمه كلها بَعْدُ تابعة لإيجاده وخلقه، وقد جبل الله العقول والفطر على شكر المنعم، ومحبة المحسن، ولا يلتفت إلى ما يقوله نفاة التحسين والتقبيح في ذلك فإنه من أفسد الأقوال وأبطلها في العقول والفطر والشرائع).
وقال ـ رحمه الله ـ في ردة على نفاة التحسين والتقبيح الذاتي للأفعال:(قولكم: فكيف يعرفنا العقل وجوبًا: على نفسه بالمعرفة، وعلى الجوارح بالطاعة، وعلى الرب بالثواب والعقاب؟ .
فيقال: وأي استبعاد في ذلك؟ وما الذي يحيله؟ فقد عرفنا العقل من الواجبات عليه ما يقبح من العبد تركها، كما عرفنا، وعرف أهل العقول، وذوو الفطر التي لم تتواطأ على الأقوال الفاسدة: وجوب الإقرار بالله وربوبيته وشكر نعمته ومحبته، وعرفنا قبح الإشراك به، والإعراض عنه، ونسبته إلى ما لا يليق به.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكثير من هؤلاء ـ أي الذين يظنون أن العقل غير مستقل بإدراك التوحيد ـ يعتقدون أن في ذلك ما لا يجوز أن يعلم بالعقل كالمعاد وحسن التوحيد والعدل وقبح الشرك والظلم والكذب، والقرآن يبين الأدلة العقلية الدالة على ذلك، وينكر على من لم يستدل بها؛ ويبين أنه بالعقل يعرف بالمعاد، وحسن عبادته وحده، وحسن شكره، وقبح الشرك وكفر نعمه، كما قد بسطت الكلام على ذلك في مواضع).