وقال ـ رحمه الله ـ في قوله تعالى:(أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) ـ إلى قوله تعالى ـ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) أي وخلق ما تنحتون، فكيف يجوز أن تعبدوا ما تضعون بأيديكم وتدعون رب العالمين؟ فلولا أن حسن التوحيد، وعبادة الله تعالى وحده لا شريك له، وقبح الشرك ثابت في نفس الأمر معلوم بالعقل لم يخاطبهم بهذا؛ إذ كانوا لم يفعلوا شيئًا يذمون عليه).
وقال ابن القيم في تفسير هذه الآية:(فإدخال الوسائط بينه وبين خلقه ـ الشرك ـ تنقص بحق ربوبيته وإلهيته وتوحيده، وظن به ظن السوء، وهذا يستحيل أن يشرعه لعباده، ويمتنع في العقول والفطر جوازه، وقبحه مستقر في العقول السليمة فوق كل قبيح).
وقال ـ رحمه الله ـ في قوله تعالى:(لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ): (أي لو كان في السموات والأرض آلهة تعبد غير الله لفسدتا وبطلتا، ولم يقل (أرباب) بل قال: (آلهة) ـ والإله هو المعبود والمألوه ـ وهذا يدل على أنه من الممتنع المستحيل عقلاً أن يشرع الله عبادة غيره أبدًا، وأنه لو كان معه معبود سواه لفسدت السموات والأرض، فقبح عبادة غير الله قد استقر في الفطر والعقول وإن لم يرد بالنهي عنه شرع، بل