العقل يدل على أنه أقبح القبيح على الإطلاق، ومن المحال أن يشرعه الله قط، ... ).
فحسن التوحيد وعدم جواز الشرك من أثبت الثوابت وأركز المرتكزات في الفطر والعقول، ومن ثم استحال جواز الشرك فيهما ما دامت السماء سماءً والأرض أرضًا، فحسن التوحيد وقبح الشرك حقيقة ثابتة راسخة، ولو لم ترسل الرسل وتنزل الكتب، فالعقل قاطع بوجوب عبادة الفاطر الخالق، المربي المنعم، المالك لجلب النفع، ولدفع الضر، وكذا يقطع بحرمة عبادة كل مخلوق مربوب محدث والشرك معه.
وقد هيأ الله العقول للقيام بالبراهين الباهرة والحجج الدامغة والأدلة الدالة على تلك الحقيقة التي كانت سببًا لانبثاق كافة الحقائق؛ وبهذا كانت الفطر والعقول من أقوى مستندات النبيين والمرسلين على الملحدين والمشركين، وبذلك أصبح العقل حجة مستقلة في بطلان الشرك، ولو لم يرد بحرمته شرع، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم في هذا الصدد:(وهذا ـ أي فطر الذرية على التوحيد ـ يقتضي أن نفس العقل الذي به يعرفون التوحيد حجة في بطلان الشرك، لا يحتاج ذلك إلى رسول، فإنه جعل ما تقدم حجة عليهم بدون هذا).