وهكذا يتضمنه شرك فرعون وشرك نمرود. ولكن الشرك بتعطيل الأفعال فحدِّث عنه ولا حرج، فقد وقع فيه جل الأمم السابقة بإنكار البعث، والرسل، والحشر، والنثر، والشرع، وغيرها.
وأما تعطيل الصانع عما يجب على العبد من حقيقة توحيده، فقد وقع فيه فرعون على القول الصحيح، كما وقع فيه اليهود والنصارى.
٢٢ - وجد في شذوذ من الناس في الأمم السابقة: الشرك في الربوبية بإثبات الأنداد في الذات والصفات.
أما في الذات: فلعل من قال به أولًا هو نمرود بن كوش، وآخرهم فرعون ذي الأوتاد. وأما في أسماء الله عز وجل: فلم أجد من وقع فيه غير اليهود، والنصارى. وأما في الصفات: فقد وقع فيه جملة من الأمم الذين رأوا التطير والسحر واعتراء آلهتهم على أحد بالسوء، فإن هذه كلها مما تضمنته صفة القدرة الكاملة لله سبحانه. وأشهر من صرح بالشرك في الصفات قوم عاد. ووقع فيه اليهود والنصارى من جهتين؛ من جهة إثبات صفات الباري للآخرين، ومن جهة إثبات صفات الخلق لله جل شأنه.
وأما الشرك في الأفعال: فجلّ الأمم كان يشرك بالله في اتخاذ الشرائع -الذي هو محض حق الله جل وعلا وفعله- من الأصنام والصناديد، والملأ، والأحبار والرهبان في اليهود والنصارى. فهؤلاء كلهم وقعوا في الشرك في الربوبية في الأفعال بالأنداد.
٢٣ - شرك العبادة في الأمم السابقة كان بالمعبودات الحسية غالبا، وذلك بالأصنام والأوثان، وربما كان بالأجرام السماوية، وربما كان بالأشياء الغير