وقول الحافظ ابن رجب:(من أحب شيئًا وأطاعه وكان غاية قصده ومطلوبه، ووالى لأجله وعادى لأجله، فهو عبده، وكان ذلك الشيء معبوده وإلهه).
والمقصود: إذا كانت العبارة بمعنى فعل العابد فإنها حينئذ بمعنى (غاية الحب مع غاية الذل والخضوع)، قال ابن القيم:(فمن أحببته ولم تكن خاضعًا له، لم تكن عابدًا له، ومن خضعت له بلا محبة لم تكن عابدًا له، حتى تكون محبًا خاضعًا، ومن هاهنا كن المنكرون محبة العباد لربهم منكرين حقيقة العبودية، والمنكرون لكونه محبوبًا لهم ... منكرين لكونه إلهًا ... ).
وقال شيخ الإسلام:(المقصود: هو أن الخلة والمحبة لله تحقيق عبوديته، وإنما يغلط من يغلط في هذه من حيث يتوهم أن العبودية مجرد ذل وخضوع فقط، لا محبة معه، أو أن المحبة فيها انبساط في الأهواء أو إدلال لا تحتمله الربوبية).
فإذا كانت العبادة (بمعنى التعبد أي فعل العباد) هي الطاعة المصحوبة بأقصى الخضوع الممزوج بغاية الحب، ففي أي شيء تكون هذه الطاعة؟ هذا ما يذهب بنا إلى أن نتعرف على معنى العبادة على الاسمية، أعني حسب المتعبد به، فأقول:
أما العبادة باعتبارها اسمًا فتعني: المتعبد به، وتعريفها حينئذٍ:(اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة).