فقالوا: إن أصل الإنسان هو الشرك ثم حدث فيهم التوحيد، بل قال بعضهم: إن الإنسان ما كان يعرف عن الديانة شيئًا، وإنما الدين وجد بعد مرور الزمان والأيام، وحصول الوحشة لدى بعضهم. واختلفوا في بيان هذه الأشياء التي اضطرتهم إلى التدين، فمن أقوالهم ومذاهبهم في هذا الباب ما يلي:
١ - ما يسمى بالمذهب الطبيعي:
وقد نادى إليه (ماكس مولر) سنة: ١٨٥٦ م، و (كوهن) سنة: ١٨٥٩ م، و (شغارتز) سنة: ١٨٦٣ م، وملخصه: أن الإنسان البدائي عندما نشأ وجد نفسه ضعيفًا بين المظاهر الكونية المختلفة، كالشمس والقمر والنجوم والرياح والصواعق والأنهار وغيرها، فاعتقد أن باستطاعتها أن تنفعه أو تضره، فأخذ يتقرب إليها ويقدم لها سائر أنواع العبادات دفعًا لشرها.
ورد (جيفونس) و (دركايم) على هذا المذهب بأن الخوف لا يصلح سببًا لنشوء العقيدة؛ لأن مع مرور الزمان يألف الإنسان هذه الأشياء بتكررها على نسق واحد، ويذهب خوفه منها ويترك التقرب إليها.
وأصحاب هذا القول يرون: أن الإنسان إنما هونتيجة الطبيعة؛ حيث كان (أميبا) ثم تطور بفعل الرطوبة، حتى وصل بعد أزمان عديدة إلى صورة القرد، ثم تطور حتى أصبح ما يسمى إنسانًا، فزعموا: أن هذا الإنسان ـ وكان في ذلك الوقت في طور الطفولة البشرية ـ أخذ يبحث عن إله يعبده، فتوجه إلى عبادة الآباء والأجداد والأشجار والحيوانات الضخمة والشمس القمر، إلى غير