أما قوله:((أنا ابن عبد المطلب)) فهذا ليس من باب إنشاء التسمية بذلك، وإنما هو من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى دون غيره، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم. ولا وجه لتخصيص أبي محمد ذلك بعبد المطلب خاصة، فقد كان أصحابه يسمون عبد شمس، وبني عبد الدار بأسمائهم، ولا ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فباب الأخبار أوسع من الإنشاء، فيجوز فيه ما لا يجوز في الإنشاء.
فعلى هذا لا تجوز التسمية بعد المطلب ولا غيره مما عبد لغير الله، وكيف تجوز التسمية، وقد أجمع العلماء على تحريم التسمية بـ عبد النبي، وعبد الرسول، وعبد المسيح، وعبد علي، وعبد الحسين، وعبد الكعبة؟ وكل هذه أولى بالجواز من عبد المطلب لو جازت التسمية به، وأيضًا فقد نصّ النبي صلى الله عليه وسلم على أن التسمية بعبد الحارث من وحي الشيطان (على فرض صحة الحديث).
وأما ما قيل: من أن المراد: (شركاء في طاعته ولم يكن في عبادته) بمعنى أنهما أطاعاه في التسمية بعبد الحارث، لا أنهما عبداه، فهو دليل على الفرق بين شرك الطاعة وبين شرك العبادة، ولكن يستشكل عليه بأنه تفسير للعبادة بالطاعة، فيلزم من قول قتادة أن يكون الشرك في العبادة هو الشرك بالطاعة أيضًا.
ويجاب عن هذا بأن تفسير العبادة بالطاعة من التفسير اللازم؛ فإن لازم العبادة أن يكون العابد مطيعًا لمن عبده بها، فلذا فسرت بالطاعة، أو يقال: هو