ثانيها: قول من ذهب إلى أن وقت عصمتهم وقت بلوغهم، ولم يجوزوا منهم ارتكاب الكبيرة والكفر قبل النبوة، وهو قول كثير من المعتزلة.
ثالثها: قول من ذهب إلى أن ذلك لا يجوز وقت النبوة، أما قبل النبوة فجائز.
والحديث في المسألة ذو شجون، ولكنني سأقتصر الكلام على ما يتعلق بالمتفق عليه من هذه الأقسام، وهل تصدر المعاصي والذنوب من الأنبياء؟ ، دون أن أتطرق إلى بيان حكم الأقسام الأخرى؛ لكونها لا تتعلق برسالتي.
المتفق عليه: اتفقت الأمة على أن الرسل معصومون في تحمل الرسالة، فلا ينسون شيئًا مما أوحي إليهم إلا شيئًا قد نسخ، فهم معصومون في التبليغ، قال الرازي:(قد أجمعت الأمة على كونهم معصومين عن الكذب والتحريف فيما يتعلق بالتبليغ، وإلا لارتفع الوثوق بالأداء، واتفقوا على أن ذلك لا يجوز وقوعه منهم عمدًا كما لا يجوز أيضًا سهوًا، ومن الناس من جوز ذلك سهوًا، قالوا: لأن الاحتراز عنه غير ممكن). أما ما يتعلق بباب الاعتقاد فالخطأ فيه غير جائز، فعلى المنع لا يمكن صدور التعبد لغير الله عن آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ ألبتة.