وبالجملة: فنوح عليه السلام إنما بعثه الله تعالى لما عُبدت الأصنام والطواغيت، وشرع الناس في الضلال والكفر، فبعثه الله رحمة للعباد، فكان أول رسول بعث إلى أهل الأرض ـ كما يقوله أهل الموقف يوم القيامة ـ وقد ذكرت قصة نوح في عدة سور من القرآن، منها الأعراف، ويونس، وهود، والمؤمنون، والشعراء، وسورة نوح.
شرك قوم نوح:
ذكر الإمام ابن جرير الطبري فيه ثلاثة أقوال:
١ - كانوا قد أجمعوا على العمل بما يكرهه الله؛ من ركوب الفواحش، وشرب الخمور، والاشتغال بالملاهي عن طاعة الله عزوجل.
٢ - كانوا أهل طاعة بيوراسب، وكان بيوراسب أول من أظهر القول بقول الصابئين.
٣ - أما كتاب الله فإنه ينبئ عنهم أنهم كانوا أهل أوثان، وهو الصحيح من هذه الأقوال، وبقية الأقوال إنما هي مجرد ظن وتخمين من المؤرخين؛ فإن قوم نوح في الواقع كانوا قد أحدثوا الشرك وعبادة الأصنام، وكانوا يدعون ودًا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرًا، وذلك أن الله عزوجل يقول مخبرًا عن نوح:(قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (٢١) وَمَكَرُوا