الطهارة والعصمة والتأييد والحكمة فوق الروحانيات، يماثلنا من حيث البشرية، ويمتاز عنا من حيث الروحانية، فيتلقى الوحي بطرف الروحانية، ويلقن الإنسان بطرف البشرية.
ولهم عبادات من الصلوات والصيام مثل ما يفعله المسلمون، ولهم أعياد عند نزول الكواكب الخمسة المتحيرة بيوت أشرافها؛ وهي: زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد، ويعظمون بيت مكة، ويفرضون الحج إليها، ويعتقدون أنها من بناء هرمس أو إدريس عليه السلام، وأنها بيت زحل أعلى الكواكب السيارة، وينقل عنهم عارفوهم أنهم قرأوا صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم، ويسمونه عندهم: ملك العرب.
فهؤلاء هم الحنفاء منهم، فقيل: انقرض دورهم، وإنما الذين بقوا من الصابئة غير هذه الطائفة، خصوصًا منهم: الصابئة المشركة. قال أبو محمد ابن حزم:(وكان الذي ينتحله الصابئون أقدم الأديان على وجه الدهر، والغالب على الدنيا، إلى أن أحدثوا الحوادث، وبدلوا شرائعه، فبعث الله إليهم إبراهيم خليله بدين الإسلام، الذي نحن عليه اليوم، وتصحيح ما أفسدوه، وبالحنيفية السمحة التي أتانا بها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى، وكانوا في ذلك الزمان وبعده يسمون: الحنفاء).
وعلى هذا المذهب كان جماعة من أعيان الدولة ببغداد، وأصل دين هؤلاء ـ فيما زعموا ـ أنهم يأخذون بمحاسن ديانات العالم ومذاهبهم،