٥ - أما الصابئة الفلاسفة: فهم طائفة كانوا لا يعتقدون بشريعة معينة، ولا يلتزمون مذهبًا خاصًا، بل يؤمنون بروحانية الكواكب فقط، ويأخذون بمحاسن ما دلت عليه العقول ـ بزعمهم ـ سواء وافق الأديان أم لم يوافقها، وهي تعرف الدين بأثره، فإن أورث السلامة والرحمة والكف عن الأذى فهو الحق، وإن أورث الفساد والظلم فهو باطل.
قال ابن القيم:(وأكثر هذه الأمة فلاسفة، والفلاسفة يأخذون من كل دين ـ بزعمهم ـ محاسن ما دلت عليه العقول، وعقلاؤهم يوجبون اتباع الأنبياء وشرائعهم، وبعضهم لا يوجب ذلك ولا يحرمه، وسفهاؤهم وسفلتهم يمنعون ذلك). وهم ـ الدهرية ـ الذين يقولون: ما هي إلا حياتنا الدنيا وما يهلكنا إلا الدهر، ففشت هذه العقيدة عن طريق هؤلاء الفلاسفة، وهو تعطيل المصنوع عن الصانع.
قال ابن القيم:(والمقصود: أن الصابئة فرق؛ صابئة حنفاء، وصابئة مشركون، وصابئة فلاسفة، وصابئة يأخذون بمحاسن ما عليه أهل الملل والنحل، من غير تقيد بملة ولا نحلة، ثم منهم من يقر بالنبوات جملة، ويتوقف في التفصيل، ومنهم من يقر بها جملة وتفصيلاً، ومنهم من ينكرها جملة وتفصيلاً) فهذا هو حقيقة الشرك في قوم إبراهيم عليه السلام.