ومراحلها من طفولته إلى موته، وكيف تقلبت به الأحوال، وما واجه من صعاب، فتلقاها بقوة النبوة وصبرها، وحكمتها، وحلمها، ولا يستغرب ذلك عنه؛ فإنه سليل هؤلاء الأنبياء الكبار، فلا عجب إن كان على غرارهم في الصدق والإخلاص وشدة الحماس في الدعوة إلى التوحيد، ونبذ الشرك، وانتهاز كل فرصة لبثِّ هذه الدعوة وتبليغها والوقوف ضد الشرك والوثنية.
أما موضع إرساله: فبظهور يوسف عليه السلام تبدأ مرحلة جديدة في الدعوة إلى عبادة الله الواحد، ونبذ الشرك والوثنية، يكون مركزها مصر بدلاً من فلسطين، فقد جاء يوسف عليه السلام إلى مصر وهو غلام صغير حين كاد له إخوته وألقوه في غيابة الجب، وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم ليستقي لهم من البئر، فتعلق يوسف برشاء الدلو وخرج، وما إن رآه الرجل حتى هتف: يا بشرى هذا غلام! ، وأسرّوه بضاعة وعرضوه للبيع في أسواق مصر، فبيع بثمن بخس؛ دراهم معدودة.
وكان الذي اشتراه هو عزيز مصر الذي أوصى به امرأته خيرًا، وقد امتُحن الصديق في بيت هذا الرجل امتحانًا رهيبًا؛ حيث راودته التي هو في بيتها عن نفسه، وغلَّقت الأبواب، وقال: هيت لك، ولكن الصديق يجيبها بجواب حاسم يقطع طمعها فيه، ويرجع إليها ما عزب من ضميرها فيقول:(مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ).
وكان بعد ذلك ما كان من إيداعه السجن بعد ظهور براءته ودخول فتيين