موسى:(فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى)، فجعل نفسه ربًا فوق الآلهة جميعًا، بل أحيانًا كان يتجاهلها ويجعل نفسه هو وحده الإله كما في قوله تعالى ناقلاً قوله في آية أخرى:(يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي)، ولعل السبب في تعديد المصريين القدماء لآلهتهم ما قيل: إن الناس حين ارتبكت عقولهم وشلت أفكارهم وتساءلوا فيما بينهم: هل يمكن لواحد أن يدبر هذا الملك الشاسع الواسع بمفرده؟ فأجابهم الكهنة بأن ذلك الإله القادر خلق آلهة أخرى، لكل غرض إله.
ولعل ما جرى من المقاولة بين موسى عليه السلام وفرعون في سورة الشعراء يشهد بأن فكرة إله واحد مسيطر على كل شيء، وإليه ترجع الموجودات جميعًا كانت (هذه الفكرة) بعيدة عن الوعي الديني لذلك العهد. وإليك هذه الآيات:(قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (٢٥) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٢٦) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (٢٨) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ).
قال الشيخ محمد خليل هراس: فتجاهُل فرعون لرب العالمين وسؤاله