رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ) إلى قوله:(إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ)، (وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (٥٢) إلى قوله: (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣)، وقد قال مؤمن آل ـ حم ـ (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً). فهذا يقتضي أن أولئك الذين بُعث إليهم يوسف كانوا مقرين بالله ... ، وذلك أن فرعون الذي كان في زمن يوسف أكرم أبويه وأهل بيته لما قدموا إكرامًا عظيمًا مع علمه بدينهم، واستقراء أحواله يدل على ذلك.
فإن جحود الصانع لم يكن دينًا غالبًا على أمة من الأمم قط، وإنما كان دين الكفار الخارجين عن الرسالة هو الإشراك، وإنما كان يجحد الصانع بعض الناس، وأولئك كان علماؤهم من الفلاسفة الصابئة المشركين، الذين يعظمون الهياكل والكواكب والأصنام، والأخبار المروية من نقل أخبارهم وسيرهم كلهم تدل على ذلك، ولكن فرعون موسى:(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ)، وهو الذي قال لهم ـ دون الفراعنة المتقدمين ـ:(مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي)، ثم قال لهم بعد ذلك:(أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى).
وإذا كان أولئك كانوا مشركين كما وُصفوا بذلك، وفرعون وموسى هوا لذي جحد الصانع وكان يعبد الآلهة، ولم يصفه الله بالشرك ... فقوم فرعون