للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد يكونوا أعرضوا عن الله بالكلية بعد أن كانوا مشركين به واستجابوا لفرعون في قوله: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى)، و (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي). ولهذا لما خاطبهم المؤمن ذكر الأمرين فقال: (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ)؛ فذكر الكفر به الذي قد يتناول جحوده، وذكر الإشراك به أيضًا، فكان كلامه متناولاً للمقالتين والحالين جميعًا.

فقد تبين: أن المستكبر يصير مشركًا، إما بعبادة آلهة أخرى مع استكباره عن عبادة الله، لكن تسمية هذا شركًا نظير من امتنع من استكباره عن إخلاص الدين لله، كما قال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ). فهؤلاء مستكبرون مشركون ... والمستكبر الذي لا يقر بالله في الظاهر كفرعون أعظم كفرًا منهم).

فهذا نص كلام شيخ الإسلام، سقته مع طوله ليدل على أن قوم فرعون كما أشركوا بالله عز وجل في أمور الربوبية هكذا أشركوا في أمور الألوهية، وليدل على أن هناك فرقًا ظاهرًا بين فرعون يوسف وفرعون موسى؛ من حيث الاعتراف بوجود الله من الأول وقومه، وإنكار وجود الله في الظاهر من الثاني وقومه.

ثانياً: شرك فرعون ـ لعنه الله ـ:

هذا العبد من عبيد الله الضعفاء ادعى أنه إله يُعبد، ومالك يملك، وأجبر

<<  <  ج: ص:  >  >>