للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ)، فهذه آيات من القرآن الكريم تدل على أن مشركي العرب كان عندهم نوع من التحاكم إلى الطاغوت وقد نهاهم الله عن ذلك، بل ذكر ما يدل على أن الإيمان لا يصح إلا بالكفر بالطاغوت، ومنذلك (مع ما ذكر) قوله تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا)، وقوله: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى

اللهِ لَهُمُ الْبُشْرَى).

ومن أصرح الأدلة على أن العرب كان عندهم نوع من التحاكم إلى غير الله: استقسامهم بالأزلام. قال تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وقال تعالى: (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ).

والمقصود: أن هذا النوع من الشرك قد كان في العرب، وهو شرك بالله في الربوبية بالأنداد، وذلك بإعطاء حق التشريع والتحليل والتحريم والحكم والتحاكم لغير الله، وقد ذكر المفسرون في تفسير هذه الآيات من الأسباب ما يدل على أن العرب قد وقعوا في هذا الشرك؛ فمن ذلك قول الحافظ ابن كثير عند تفسيره لقوله تعالى: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ)، حيث قال: (ثم نهى عن سلوك سبيل المشركين الذين حللوا وحرموا بمجرد ما

<<  <  ج: ص:  >  >>