للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فزع العباد إلى سواه وكان ذا ... من جانب التعطيل والنكران

فمعطل الأوصاف ذاك معطل الـ ... ـتوحيد حقًا ذان تعطيلان

قد عطلا بلسان كل الرسل من ... نوح إلى المبعوث بالقرآن

والناس في هذا ثلاث طوائف ... ما رابع أبدًا بذي إمكان

إحدى الطوائف مشرك بإلهه ... فإذا عاه دعا إلهًا ثان

هذا وثاني هذه الأقسام ... ذاك جاحد يدعو سوى الرحمن

هو جاحد للرب يدعو غيره ... شركًا وتعطيلاً له قدمان

يقول الشارح لهذه الأبيات: (يثبت المؤلف في هذه الأبيان أن التعطيل ونفي الصفات أخو الإشراك وعبادة الأوثان، وأنهما مذ وجدا أخوان لا يفترقان، وأن أولهما وهو التعطيل مفض إلى الشرك ومقتض له، كما تقتضي العلة معلولها، فكل معطل وجاحد للصفات فهو مشرك عابد للطاغوت.

وذلك لأن العبد في هذه الحياة الدنيا عرضة لنوائب الخير والشر، وهو لا يستطيع أن يستقل بتحصيل الخير لنفسه ولا يدفع الشر عنها، فهو محتاج إلى من يدفع عنه ضره ويغنيه عن عيله، وإليه يقصد في كل حوائجه ليقضيها له، ويفزع من مخاوفه ليوفر له الأمان، فإذا نفينا صفات هذا الإله المقصود وأفعاله، ونفينا وجوده فوق عرشه لم يجده العباد أهلاً لأن يفزعوا إليه، بل لم يجدوه شيئًا؛ فيفزعون حينئذ إلى غيره، والذي جرهم إلى هذا الشرك هو التعطيل والإنكار.

فمن عطل أوصافه سبحانه فقد عطل توحيده، فهما تعطيلان قد بعث جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام من أولهم نوح إلى خاتمهم محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>