يكون العقل في البهائم والنطق في العجماوات؟ وما المانع من أن يكون الأرض أدنى إلى الشمس والقمر من الوضع الذي هي عليه؟ أو غير ذلك من أشياء كثيرة.
فإن قيل: إن الحكمة تقتضي أن تكون هذه الأشياء كما هي عليه الآن. وإلاّ لاختل النظام وفسدت النتائج المرجوة من هذا الكون.
قلنا: إن الحكمة هي من صفات الحكيم ـ هو الله سبحانه ـ وما دام أن كل شيء في الكون يحتمل أن يكون على واحد من أوضاع كثيرة غير الوضع الذي هو عليه الآن، فإن العقول لابدّ أن تحكم بداهة بأن ما كان كذلك فلابدّ من مخصص قد خصصه باحتمال موافق للحكمة والإبداع والاتفاق من جملة احتمالات كثيرة، ولولا وجود المخصص للزم ترجيح أحد المتساويين على الآخر من غير مرجح، أو القول بأن موافقة الحكمة ـ فيما لا حصر له من الأعداد ـ كان على طريق التصادف، وكلاهما مستحيل عقلاً.
٣ - دليل الإتقان في الكون:
من أعظم ما يدهشنا في أنفسنا في الكون من حولنا ذلك الإتقان العجيب في التركيب والصنع، فما نصادف من شيء في الأرض ولا في السماء إلاّ وهو