بالأسباب المؤثرة التي تحمل سرّ هذه التغيرات الكثيرة المتعاقبة في كل شيء من هذا الكون على اختلاف جواهره وصفاته، سواء منها المتناهي في الصغر أو المتناهي في الكبر.
وهنا نقول: لو كان الأصل في هذه الموجودات المعروفة على حواسنا (المادة) هو الوجود الأزلي، لم تكن عرضة للتحول والتغير والزيادة والنقص، والبناء والفناء، ولم يحتج صور وجوداتها وتغيراتها إلى أسباب ومؤثرات. وبما أنه عرضة للتغيير والتحويل، وبما أن قوانينها تفرض احتياجاتها إلى الأسباب والمؤثرات، لزم عقلاً ألا يكون الأصل فيها الوجود، وإنما يجب عقلاً أن يكون الأصل فيها هو العدم، ولابدّ لها من سبب أوجدها من العدم، وهو الله سبحانه وتعالى.
٢ - دليل الإمكان في الكون أو المادة.
بملاحظتنا لكل شيء في الكون، سواء كان من الأشياء المادية التي يمكن أن ندركها ببعض حواسنا كالأرض والكواكب والنجوم، أو صفة من الصفات القائمة في الأشياء المادية التي نستنبط وجودها بعقولنا كالجاذبية الخاصة الموجودة في حجر المغناطيس، وكخواص المركبات المادية التي لا حصر لها في الكون سواء في ذلك الظواهر الكيميائية أو الفيزيائية، من خلال ملاحظتنا لجميع هذه الأشياء الكونية، ندرك بداهة في كل واحد منها أنه كان من الممكن عقلاً أن يتخذ صورة وحالة غير ما هو عليه الآن. فما المانع من أن