علم ولا حياة ولا أي شيء، ولا يمكن أن يتحول هذا العدم إلى الوجود، ولا يمكن أن يأتي من هذا العدم العام: ذوات وصفات وقوى تنطلق بنفسها منه إلى الوجود فقد ثبت لنا أن العدم لا يمكن أن يكون هو الأصل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:(ولم يذكر القرآن خلق شيء من لا شيء، بل ذكرأنه خلق المخلوق بعد أن لم يكن شيئًا، كما قال تعالى: (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) مع إخباره أنه خلقه من نطفة).
فإذا لم يكن العدم هو الأصل لابدّ أن يكون الوجود هو الأصل، لأنه نقيض العدم، ولذلك يستحيل عقلاً أن يطرأ العدم على وجود علِمنا أنه هو الأصل.
ولو نظرنا إلى الموجودات التي تقع تحت مجال إدراكنا الحسّي في هذا الكون العظيم لوجدنا أن هذه الموجودات ـ ومنها الإنسان ـ لم تكن ثم كانت، وأن أشكالاً كبيرة كانت معدومة في أشكالها وصورها ثم وجدت، كما هو مشاهد لنا باستمرار، كما تبدو لنا صورة التغيرات الكثيرة الدائمة في كل جزء من أجزاء هذه المواد الكونية التي نشاهدها، أو نحسّ بها، أو ندرك قواها وخصائصها، فمن موت إلى حياة، ومن حياة إلى موت، ومن تغييرات في الأشكال والصور إلى تغييرات في الصفات والقوى، وكل ذلك لا يعلّل في عقولنا ـ وفق قوانين هذا الكون الثابتة التي استفدناها من الكون نفسه ـ إلاّ