مع أنك مضطر إلى الإقرار به وإضافة الإبداع والخلق والربوبية والتدبير إليه ولابدّ، فالحمد لله رب العالمين.
على أنك لو تأمّلت قولك:(طبيعة) ومعنى هذه اللفظة، لدلّك على الخالق الباري لفظها كما دلّ العقولَ عليه معناها؛ لأن (طبيعة) فعيلة بمعنى مفعولة، أي مطبوعة، ولا يحتمل غير هذا ألبتة، لأنها على بناء الغرائز التي ركبت في الجسم ووضعت فيه كالسجية والغريزة، والبحيرة والسليقة، والطبيعة؛ فهي التي طبع عليها الحيوان وطبعت فيه.
ومعلوم أن طبيعة من غير طابع لها محال، فقد دلّ لفظ الطبيعة على البارئ تعالى كما دل معناها عليه.
والمسلمون يقولون: إن الطبيعة خلق من خلق الله مسخر مربوب، وهي سنة في خليقتهه التي أجراها عليه، ثم إنه يتصرف فيها كيف شاء وما شاء، فيسلبها تأثيرها إذا أراد، ويقلب تأثيرها إلى ضدّه إذا شاء؛ ليُريَ عباده أنه وحده البارئ المصوّر، وأنه يخلق ما يشاء، (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). وإن الطبيعة التي انتهى نظر الخفافيش إليها إنما هي خلق من خلقه بمنزلة سائر مخلوقاته ... ).
الشبهة الثالثة: القول بالمصادفة:
وهو القول بأن وجود الكون بما فيه من أرض وسموات وشموس وأقمار وغيرها والإنسان والحياة وكل هذه الأشياء إنما وجدت مصادفة واتفاقًا بدون أيّ خطة سابقة، أو عمل أيّ حكيم.