للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طغيانها، ولم يكن مخرجهم الذي اختاروه إذ ذاك إلا الخروج على ذلك الدين ـ الذي يحارب العلم ويناصر المجرمين ـ والتمرد عليه وإبعاده، وطرده من كافة جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والعلمية والأخلاقية وغيرها.

وعلى ذلك، فالعلمانية هي ذلك اللفظ الخادع الذي استخدم بدلاً من عبارة اللادينية والتي تعتبر أصل الحركة التي ظهرت في أوروبا في القرن التاسع عشر الميلادي لتعبر عن وجهة نظر المنكرين لوجود الله أو الذين يفصلون بين وجود الله وتأثيره في الحياة، فعلى فرض أن الحركة لم تنكر الدين من أساسه وإنما تعزله عن المجتمع وتدع الفرد يباشر عبادته في نطاق حياته الفردية، فإن فكرة بهذه الصورة فكرة لا دينية، والمجتمع الذي يتبناها مجتمع لا ديني، لأن المجتمع الذي يلجأ إلى التخلص من الدين بعزله عن تيار الحياة وحركتها وحبسه داخل جدران الكنيسة إنما هو مجتمع لا ديني، وإن ادعى غير ذلك.

صور العلمانية:

إن للعلمانية صورتين، كل صورة منها أقبح من الأخرى:

الصورة الأولى: العلمانية الملحدة: وهي التي تنكر الدين كلية، وتنكر وجود الله الخالق البارئ المصور، ولا تعترف بشيء من ذلك، بل وتحارب وتعادي من يدعو إلى مجرد الإيمان بوجود الله، وهذه العلمانية على فجورها ووقاحتها في التبجح بكفرها إلا أن الحكم عليها أمر ظاهر ميسور لكافة المسلمين، لا ينطلي ـ بحمد الله ـ أمرها على المسلمين، ولا يقبل عليها من المسلمين إلا رجل يريد أن يفارق دينه. وخطر هذه الصورة من العلمانية من

<<  <  ج: ص:  >  >>