ليس هناك تاريخ محدد لظهور الحركة القومية، ويتفق المؤرخون: أن شعار (القومية) شعار معاصر، ظهر في أوروبا منذ أوائل القرن التاسع عشر الميلادي. وكان ظهور القومية في أوروبا بديلاً للرابط الديني، في أعقاب سيادة الاتجاه الألماني، وضعف الرابط الديني شعبياً، وبتره سياسيًا بترًا كليًا.
لقد كان لابد من بديل للرابط الديني الذي كان أقوى في أوروبا من الرابط القومي أما وقد تقطع الرابط بسيادة الاتجاه الألماني فإن البديل التلقائي هو ظهور الرابط القومي؛ لأن له في النفس الإنسانية دوافع فطرية ومصلحية.
وكان بعد ذلك حركة الإصلاح التي قام بها لوتر؛ فقد فقدت النصرانية سلطانها على النفوس، وتحولت دول أوروبا إلى شتات من البشر لا تربط بينها رابطة، فلجأت إلى طريق القوميات كوسيلة تربط بها بين شعوبها وتجمع بها الشتات الضائع، فجمعت نفسها في قوميات عدة: كقومية ألمانية، وفرنسا والنمسا، وغيرها.
ثم أقبل القرن العشرون الميلادي وقامت فيه حربان عالميتان كبيرتان، دمرتا دمارًا عظيمًا، وأهلكتا الحرث والنسل، وكانت دوافعهما قومية، على مستوى الشعور الجماهيري العام، إذ انفجرت القومية في ألمانيا وإيطاليا، وكان لها ظهور قومي في فرنسا وبريطاني وغيرها.
ثم خبت وقدة النزعات القومية لما أحست الشعوب الغربية بلعنتها،