للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القذرة ليس فيها من عظمة الرب شيء، وقد أخبرنا أنه في السماء).

وساق الإمام بعض الآيات الدالة على أن الله في السماء عاليًا على خلقه، ثم قال: (وقلنا لهم: أليس تعلمون أن إبليس كان مكانه، والشياطين مكانهم، فلم يكن الله ليجتمع هو وإبليس في مكان واحد.

وإنما معنى قول الله جل ثناؤه: (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ). يقول: هو إله من في السموات، وإله من في الأرض، وهو على العرش، وقد أحاط علمه بما دون العرش، ولا يخلو من علم الله مكان، ولا يكون علم الله في مكان دون مكان. فذلك قوله: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً).

وقال: من الاعتبار في ذلك: لوأن رجلاً كان في يديه قدح من قوارير صاف، وفيه شراب صاف، لكان نظر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم في القدح. والله ـ وله المثل الأعلى ـ قد أحاط بجميع خلقه من غير أن يكون في شيء من خلقه.

وخصلة أخرى: لو أن رجلاً بنى دارًا بجميع مرافقها، ثم أغلق بابها وخرج منها، كان ابن آدم لا يخفى عليه كم بيتًا في داره، وكم سعة كل بيت من غير أن يكون صاحب الدار في جوف الدار، فالله ـ وله المثل الأعلى ـ قد أحاط بجميع ما خلق، وعلم كيف هو؟ وما هو؟ من غير أن يكون في شيء مما خلق، ـ ثم قال: ـ وما تأول الجهمية من قول الله عز وجل: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ)؟

<<  <  ج: ص:  >  >>