وما أكثر عبث الجن بالإنس وأوسع طرقه، ولذلك يندد القرآن الكريم بأطراف هذه الفتنة فيقول:(وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ).
ولا غرو، فإن الشيطان يستحلي إغواء أبناء آدم، كما يستحلي أبناء آدم أكل السحت وارتكاب الزنا، وما هذه الدعوى من تحضير الأرواح إلا من الشياطين. فالصحيح الذي لا مرية فيه: أن ما يسمونه بالأرواح ما هي إلا شياطين.
وأما كيفية معرفتهم لبعض ما يغيب على الناس، فهذا لا يخلو عن ثلاثة أمور:
١ - إما أنه من قرين الميت الذي كان يعرف كثيرًا من أعمال الميت، فيخبرهم عن أحواله.
٢ - وإما أنه من قبيل الجن العابر الذي تعرف على حال المسئول عنه عن طريق استخباره عن الجن الذي هو قرين المسئول عنه.
٣ - وإما أن يخبر عن أشياء هي غائبة بالنسبة لدينا، وليست بغائبة لديهم؛ فمثلاً: كل ما في جيب الإنسان لا يراه إنسان آخر، ولكن الجنات يرون هذه الأشياء كرؤيتنا للمشهودات.
فإخبارهم بهذه الأشياء ليس من قبيل المغيبات.
فهذا آخر ما أمكن من بيان المشركين بالله في الربوبية بالأنداد في صفة العلم المحيط في العصر الحاضر.