وهذا النوع من الحكم ليس خاصًا بالله، ولا يمنع المسلم من مزاولته فكل مسلم استوفى شروط القضاء المعروفة يمكنه مزاولة هذا النوع من الحكم. وطبيعة هذا النوع من الحكم أنه يتعلق بوقائع معينة محددة، وما خالف في جوازه إلا الخوارج ومن تبعهم من معاصرينا.
الثاني: القضاء والفصل في الأمور بغير اعتماد على تشريع سابق، أو القضاء والفصل في الأمور اعتمادًا على تشريع يضعه القاضي أو الحاكم من قبل نفسه، أو مما خلفته الأمم من التشريعات، أو مما سنته عقول الناس.
فهذا النوع من الحكم يكون الحكم فيه بمعنى التشريع المبتدأ الذي يبتدئه الحاكم من عند نفسه أو من القوانين الأخرى المستوردة، من غير أن يمليه عليه أحد، أو يتبع فيه أحدًا، وقد يصحبه بعد ذلك الحكم بالمعنى الأول، وقد لا يصحبه.
وفعل الحاكم في هذا النوع من الحكم أنه يضع من عند نفسه التشريع ويبين الأحكام المترتبة على الأقوال والأفعال والتصرفات. وقد يحكم الحاكم بعد ذلك في قضية أو واقعة معينة بناء على هذا التشريع ـ القوانين ـ، وقد لا يحكم فيها بنفسه.
ويدل على هذا المعنى لمفهوم كلمة (الحكم) قول الله تعالى: (ذَلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ)، وقوله تعالى:(وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللهِ)، وقوله تعالى:(أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ)، وقوله تعالى: (وَلَا