للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النور من النبي صلى الله عليه وسلم ولا يؤخذ من الصحابي فلم يجعله سراجاً.

تنبيه: جوز الفراء أن يكون الأصل وتالياً سراجاً، ويعني بالسراج: القرآن، وعلى هذا فيكون من عطف الصفات وهي الذات واحدة؛ لأن التالي هو المرسل. وقوله تعالى:

{وبشر المؤمنين} عطف على محذوف، مثل فراقب أحوال أمتك. ولم يقل أنذر المعرضين إشارة للكرم. وقوله تعالى: {بأن لهم من الله فضلاً كبيراً} كقوله تعالى {أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً} (الأحزاب: ٣٥)

والعظيم والكبير متقاربان.

ولما أمره سبحانه وتعالى بما يسر نهاه عما يضر بقوله تعالى:

{ولا تطع الكافرين والمنافقين} أي: لا تترك إبلاغ شيء مما أنزلت إليك من الإنذار وغيره كراهة لشيء من مقالهم وأفعالهم في أمر زينب وغيرها، فإنك نذير لهم، وزاد على ما في أول السورة محط الفائدة في قوله مصرحاً بما اقتضاه ما قبله {ودع} أي: اترك على حالة حسنة لك وأمر جميل بك {أذاهم} فلا تحسب له حساباً أصلاً، واصبر عليه فإن الله تعالى دافع عنك لأنك داع بإذنه {وتوكل على الله} أي: الملك الأعلى {وكفى بالله} أي: الذي له الإحاطة الكاملة {وكيلاً} أي: حافظاً. قال البغوي: وهذا منسوخ بآية القتال.

ولما بدأ الله تعالى بتأديب النبي صلى الله عليه وسلم بذكر ما يتعلق بجانب الله تعالى بقوله تعالى: {يا أيها النبي اتق الله} وثنى بما يتعلق بجانب من هو تحت يده من أزواجه الشريفات بقوله تعالى: بعده: {يا أيها النبي قل لأزواجك} وثلث بما يتعلق بذكر العامة بقوله تعالى: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً} وكان تعالى كلما ذكر لنبيه مكرمة وعلمه أدباً ذكر للمؤمنين ما يناسبه، فلذلك بدأ في إرشاد المؤمنين بجانب الله تعالى فقال: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً} ثم ثنى بما يتعلق بجانب من تحت أيديهم بقوله تعالى:

{يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات} أي: عقدتم على الموصوفات بهذا الوصف الشريف المقتضى لغاية الرغبة فيهن، وأتم الوصلة بينكم وبينهن ثم كما ثلث في تأديب النبي صلى الله عليه وسلم بجانب الأمة ثلث في حق المؤمنين بما يتعلق بهم فقال بعد هذا: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي} (الأحزاب: ٥٣)

{يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً} (الأحزاب: ٥٦)

فإن قيل: إذا كان هذا إرشاداً بما يتعلق بجانب منه ومن خواص المرأة فلم خص المطلقات اللاتي طلقن قبل المسيس بقوله تعالى: {ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} أي: تجامعوهن، أطلق المس على الجماع؛ لأنه طريق له كما سمى الخمر إثماً؛ لأنها سببه؟ أجيب: بأن هذا إرشاد إلى أعلى درجات المكرمات ليعلم منها ما دونها.l

وبيانه: أن المرأة إذا طلقت قبل المسيس لم يحصل بينهما تأكيد العهد، ولهذا قال تعالى في حق الممسوسة: {وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً} (النساء: ٢١)

فإذا أمر الله تعالى بالتمتع والإحسان مع من لا مودة بينه وبينها فما ظنك بما حصلت المودة بالنسبة إليها بالإفضاء، أو حصل تأكدها بحصول الولد بينهما، وهذا كقوله تعالى: {فلا تقل لهما أف} (الإسراء: ٢٣)

ولو قال: لا تضر بهما ولا تشتمهما ظن أنه حرام لمعنى يختص بالضرب أو الشتم لهما، فأما إذا قال: {لا تقل لهما أف} لعلم منه معان كثيرة فكذلك ههنا أمر بالإحسان مع من لا مودة معها، فعلم منه الإحسان إلى الممسوسة، ومن لم تطلق بعد، ومن ولدت عنده منه، وقرأ حمزة والكسائي بضم التاء وألف بعد الميم، والباقون بفتح

<<  <  ج: ص:  >  >>