للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الباقون وفي الابتداء بالثانية الجميع بالتحقيق {ولا نسائهن} أي: المسلمات القربى منهن والبعدى بمنزلة واحدة، وأما الكافرات فهن بمنزلة الأجانب من الرجال لكن رجح النووي أنه يجوز أن تنظر منها ما يبدو عند المهنة {ولا ما ملكت أيمانهن} من العبيد لأنهم لما لهنّ عليهم من السلطان يبعد منهم الريبة هيبة لهن مع مشقة الاحتجاب عنهم.

تنبيه: قدم تعالى الآباء؛ لأن اطلاعهم على بناتهم أكثر وكيف وهم قد رأوا جميع بدن البنات في حال صغرهن، ثم الأبناء ثم الإخوة وذلك ظاهر، وإنما الكلام في بني الإخوة حيث قدّمهم الله تعالى على بني الأخوات، لأن بني الأخوات آباؤهم ليسوا بمحارم خالات أبنائهم وبني الإخوة آباؤهم محارم، ففي بني الأخوات مفسدة ما، وهي أن الابن ربما يحكي خالته عند أبيه وهو ليس بمحرم ولا كذلك في بني الإخوة.

فإن قيل: لم يذكر الله تعالى من المحارم الأعمام والأخوال فلم يقل: ولا أعمامهن ولا أخوالهن. أجيب عن ذلك بوجهين: أحدهما: أن ذلك معلوم من بني الإخوة وبني الأخوات؛ لأن من علم أن بني الأخ للعمات محارم علم أن بنات الأخ للأعمام محارم، وكذلك الحال في أمر الخالة. وثانيهما: أن الأعمام ربما يذكرون بنات الأخ عند أبنائهم وهم غير محارم، وكذلك الحال في ابن الخال.

وذكر ملك اليمين بعد هذا كله لأن المفسدة في التكشف لهم ظاهرة وقوله تعالى {واتقين} عطف على محذوف أي: امتثلن ما أمرتن به واتقين {الله} أي: الذي لا شيء أعظم منه فلا تقربن شيئاً مما يكرهه وإنما أمرهن لأن الريبة من جهة النساء أكثر لأنه لا يكاد الرجل يتعرض إلا لمن ظن بها الإجابة لما يرى من مخايلها ومخايل أشكالها.

ولما كان الخوف لا يعظم إلا ممن كان حاضراً مطلعاً قال: {إن الله} أي: العظيم الشأن {كان} أي: أزلاً وأبداً {على كل شيء} من أفعالكن وغيرها {شهيداً} أي: لا يغيب عنه شيء وإن دق فهو مطلع عليكن حال الخلوة فلا تخفى عليه خافية.

ولما أمر تعالى بالاستئذان وعدم النظر إلى نسائه احتراماً له كمل بيان حرمته بقوله تعالى:

{إن الله وملائكته يصلون على النبي} أي: محمد صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس: أراد أن الله تعالى يرحم النبي والملائكة يدعون له، وعن ابن عباس أيضاً: يصلون يبركون والصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار وقال أبو العالية: صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء.

تنبيه: بيان كمال حرمته في ذلك أن حالاته منحصرة في حالتين حالة خلوة فذكر ما يدل على احترامه في تلك الحالة بقوله تعالى: {لا تدخلوا بيوت النبي} وحالة تكون في ملأ، والملأ إما الملأ الأعلى، وإما الملأ الأدنى أما احترامه في الملأ الأعلى، فإن الله وملائكته يصلون عليه، وأما احترامه في الملأ الأدنى فقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه} أي: ادعو له بالرحمة {وسلموا تسليماً} أي: حيوه بتحية الإسلام وأظهروا شرفه بكل ما تصل قدرتكم إليه من حسن متابعته وكثرة الثناء الحسن عليه والانقياد لأمره في كل ما يأمر به، ومنه الصلاة والسلام عليه بألسنتكم.

روى عبد الرحمن بن أبي ليلى لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: بلى فأهدها لي قال: قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل

<<  <  ج: ص:  >  >>