للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الصحيح: إذا وصفت صفة المؤنث قلت قريبة، وإذا جعلته ظرفاً أو بدلاً ولم ترد الصفة نزعت الهاء من المؤنث، وكذلك لفظها في الاثنين والجمع للذكر والأنثى.

ثم استأنف الإخبار بحال السائلين عنها بقوله تعالى:

{إن الله} أي: الملك الأعلى {لعن} أي: أبعد إبعاداً عظيماً من رحمته {الكافرين} أي: الساترين لما من شأنه أن يظهر مما دلت عليه العقول السليمة من أمرها {وأعد} أي: أوجد وهيأ {لهم} من الآن {سعيراً} أي: ناراً شديدة الاضطرام والتوقد لتكذيبهم بها وبغيرها مما أوضح لهم أدلته.

{خالدين} أي: مقدّراً خلودهم {فيها} أي: السعير وأعاد عليها الضمير مؤنثاً لأنها مؤنثة أو لأنه في معنى جهنم وقوله تعالى: {أبداً} بيان لإرادة الحقيقة لئلا يتوهم بالخلود المكث الطويل {لا يجدون ولياً} أي: يتولى أمراً مما يصيبهم بشفاعة أو غيرها {ولا نصيراً} ينصرهم وقوله تعالى:

{يوم} معمول لخالدين أي: مقدراً خلودهم فيها على تلك الحال يوم {تقلب} أي: تقلباً كثيراً {وجوههم في النار} أي: ظهراً لبطن كاللحم يشوى بالنار حالة كونهم {يقولون} وهم في محل الجزاء وقد فات المحل القابل للعمل متمنين بقولهم: {يا ليتنا أطعنا} أي: في الدنيا {الله} أي: الذي لا أمر لأحد معه لما لا يدركون تلافيه لأنهم لا يجدون ما يقدّر أنه يبرد غلتهم من ولي ولا نصير ولا غيرهما سوى هذا التمني.

ولما كان المقام للمبالغة في الإذعان والخضوع أعادوا العامل بقولهم {وأطعنا الرسول} أي: الذي بلغنا عنه حتى لا نبتلي بهذا العذاب.

تنبيه: تقدم الكلام على القراءة في {الرسولا} و {السبيلا} أول السورة عند {الظنونا} .

{وقالوا} : أي: الأتباع منهم لما لم ينفعهم شيء متبرئين بالدعاء على من أضلهم بما لا يبرئ عليلاً ولا يشفي غليلاً {ربنا} أي: أيها المحسن إلينا وأسقطوا أداة النداء على عادة أهل الخصوص بالحضور زيادة في التوثيق بإظهار أنه لا واسطة لهم إلا ذلهم وانكسارهم {إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا} يعنون قادتهم الذين لقنوهم الكفر، وقرأ ابن عامر بألف بعد الدال وكسر التاء على جمع الجمع للدلالة على الكثرة والباقون بغير ألف بعد الدال وفتح التاء على أنه جمع تكسير غير مجموع بألف وتاء {فأضلونا} أي: فتسبب عن ذلك أنهم أضلونا بما كان لهم من نفوذ الكلمة {السبيلا} أي: طريق الهدى فأحالوا ذلك على غيرهم كما هي عادة المخطئ من الإحالة على غيره مما لا ينفعه.

ثم كأنه قيل: فما تريدون لهم فقالوا: مبالغين في الرقة للاستعطاف بإعادة الرب.

{ربنا} أي: المحسن إلينا {آتهم ضعفين من العذاب} أي: مثلي عذابنا لأنهم ضلوا وأضلوا {والعنهم لعناً كبيراً} أي: اطردهم عن محالّ الرحمة طرداً متناهياً، وقرأ عاصم بالباء الموحدة أي: لعناً هو أشد اللعن وأعظمه والباقون بالثاء المثلثة أي: كثير العدد.

ولما بين تعالى أن من يؤذي الله ورسوله يلعن ويعذب، أرشد المؤمنين إلى الامتناع من الإيذاء بقوله تعالى:

{يا أيها الذين آمنوا} أي: صدقوا بما يتلى عليهم {لا تكونوا} بإيذائكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر زينب وغيره كوناً هو كالطبع لكم {كالذين آذوا موسى} من قومه بني إسرائيل آذوه بأنواع الأذى كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم حين قسم قسماً فتكلم فيه بعضهم فقال: «لقد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر» . واختلفوا فيما أوذي به موسى،

<<  <  ج: ص:  >  >>