للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهم سوى الذين قتلتهم وكانت في نفسها غير محصنة، وكانت قد تزوجت سبعة من ملوك بني إسرائيل وقتلتهم كلهم بالاغتيال وكانت معمرة يقال: إنها ولدت سبعين ولداً، وكان لاجب هذا جار رجل صالح يقال له: مزدكي، وكان له جنينة يعيش منها وكانت الجنينة إلى جانب قصر الملك وامرأته، وكانا يشرفان عليها يتنزهان فيها ويأكلان ويشربان ويقيلان فيها،

وكان الملك يحسن جوار صاحبها مزدكي ويحسن إليه، وامرأته إزميل تحسده لأجل تلك الجنينة وتحتال أن تغصبها منه لما تسمع الناس يكثرون ذكرها ويتعجبون من حسنها وتحتال أن تقتله، والملك ينهاها عن ذلك فلا تجد عليه سبيلاً، ثم أنه اتفق خروج الملك إلى مكان بعيد وطالت غيبته فاغتنمت امرأته إزميل ذلك فجمعت جمعاً من الناس وأمرتهم أنهم يشهدون على مزدكي أنه سب زوجها لاجب فأجابوها إليه وكان في حكمهم في ذلك الزمان القتل على من سب الملك إذا قامت عليه البينة، فأحضرت مزدكي وقالت له: بلغني أنك شتمت الملك فأنكر فأحضرت الشهود فشهدوا عليه بالزور فأمرت بقتله وأخذت جنينته، فلما قدم الملك من سفره أخبرته الخبر فقال لها: ما أصبت ولا أبداً نفلح بعده فقد جاورنا منذ زمان فأحسنا جواره وكففنا عنه الأذى لوجوب حقه علينا فختمت أمره بأسوء الجوار قالت: إنما غضبت لك وحكمت بحكمك فقال لها: أوما كان يسعه حلمك فتحفظين جواره؟ قالت: قد كان ما كان فبعث الله إلياس إلى لاجب الملك، وأمره الله أن يخبرهم أن الله تعالى قد غضب عليهم لوليه حين قتلوه ظلماً وآلى على نفسه أنهما إن لم يتوبا عن صنيعهما ويردا الجنينة على ورثة مزدكي أن يهلكهما، يعني: لاجب وامرأته في جوف الجنينة، ثم يضعهما جثتين ملقيين فيها حتى تتفرق عظامهما من لحومهما ولا يتمتعان بها إلا قليلاً، فجاء إلياس فأخبر الملك بما أوحى الله في أمره وأمر امرأته والجنينة، فلما سمع الملك ذلك اشتد غضبه عليه، وقال: يا إلياس والله ما أرى ما تدعونا إليه إلا باطلاً، وهم بتعذيبه وقتله، فلما أحس إلياس بالشر رفضه وخرج عنه هارباً، ورجع الملك إلى عبادة بعل وارتقى إلياس إلى أصعب جبل وأشمخه فدخل مغارة فيه، ويقال: أنه بقي سبع سنين شريداً خائفاً يأوي الشعوب والكهوف، يأكل من نبات الأرض وثمار الشجر وهم في طلبه قد وضعوا العيون عليه والله تعالى يستره منهم، فلما طال الأمر على إلياس وطال عصيان

قومه وضاق

بذلك ذرعاً أوحى الله تعالى إليه بعد سبع سنين: يا إلياس ما هذا الخوف الذي أنت فيه ألست أميني على وحيي وحجتي في أرضي وصفوتي من خلقي؟ فسلني أعطك فإني ذو الرحمة الواسعة والفضل العظيم، قال: تميتني فتلحقني بآبائي فإني قد مللت بني إسرائيل وملوني، فأوحى الله تعالى إليه: يا الياس ما هذا اليوم الذي أعرى منك الأرض وأهلها؟ وإنما قوامهما وصلاحهما بك وأشباهك وإن كنتم قليلاً ولكن سلني فأعطك، قال إلياس: إن لم تمتني فاعطني ثأري من بني إسرائيل، قال الله تعالى: وأي: شيء تريد أن أعطيك؟ قال: تمكنني من خزائن السماء سبع سنين فلا تنشئ سحابة عليهم إلا بدعوتي ولا تمطر عليهم سبع سنين قطرة إلا بشفاعتي فإنهم لا يذكرهم إلا ذلك، قال الله تعالى: يا إلياس أنا أرحم بخلقي من ذلك وإن كانوا

<<  <  ج: ص:  >  >>