عباس رضي الله عنهما: عرفها لهم: طيبها مشتق من العرف وهو الريح الطيبة يقال طعام معرف أي: مطيب. {يأيها الذين آمنوا} أي: أقرّوا بذلك {إن تنصروا الله} أي: دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم {ينصركم} أي: على عدوّكم فإنه الناصر لا غيره، من عدد أو عدد. ويثبت أقدامكم أي في القيام بحقوق الإسلام والمجاهده مع الكفار ولما بين تعالى ما لأهل الإيمان بين ما لأهل الكفران بقوله تعالى:
{والذين كفروا} وهو مبتدأ أي: ستروا ما دل عليه العقل، وقادت إليه الفطرة الأولى، وخبره تعسوا يدل عليه قوله تعالى:{فتعساً لهم} أي: هلاكاً لهم وخيبة من الله تعالى، وقال ابن عباس: أي بعداً لهم وقيل التعس الجرّ على الوجه، والنكس: الجرّ على الرأس وقوله تعالى: {وأضل أعمالهم} عطف على تعسوا أي: أبطلها وإن كانت ظاهرة الإتقان؛ لأجل تضييع الأساس وهو الإيمان. وقوله تعالى:
{ذلك} يجوز أن يكون مبتدأ والخبر الجار بعده، أو خبر مبتدأ مضمر. أي: الأمر ذلك {بأنهم} أي: بسبب أنهم {كرهوا ما أنزل الله} أي: الملك الأعظم الذي لا نعمة إلا منه من القرآن وما أنزل الله تعالى فيه من التكاليف والأحكام لأنهم قد ألفوا الإهمال وإطلاق العنان في الشهوات والملاذّ فشق عليهم ذلك، وتعاظمهم والذي أنزله من القرآن وغيره هو روح الوجود الذي لا بقاء بدونه فلما كرهوا الروح الأعظم بطلت أرواحهم فتبعتها أشباحهم وهو معنى قوله تعالى مسبباً بياناً لمعنى إضلال أعمالهم {فأحبط} أي: أبطل إبطالاً لاصلاح معه {أعمالهم} بسبب: أنهم أفسدوها بنياتهم فصارت وإن كانت صورها صالحة ليس لها أرواح لكونها واقعة على غير ما أمر به الله الذي لا أمر إلا له، ولا يقبل من العمل إلا ما حدّه ورسمه ثم خوّف الكفار بقوله تعالى:{أفلم يسيروا في الأرض} أي: التي فيها آثار الوقائع {فينظروا كيف كان عاقبة} أي: آخر أمر {الذين من قبلهم دمّر الله} أي: أوقع الملك الأعظم الهلاك {عليهم} بما عم أهاليهم وأموالهم، وكل من رضي أفعالهم أو مقالهم. وعدل عن أن يقول {ولهؤلاء} إلى قوله تعالى {وللكافرين} تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف وهو العراقة في الكفر {أمثالها} أي: أمثال عاقبة من قبلهم.
{ذلك} أي: الأمر العظيم وهو نصر المؤمنين وقهر الكافرين، {بأن الله} أي: بسبب أنّ الملك الأعظم المحيط بصفات الكمال {مولى} أي: ولي وناصر {الذين آمنوا} فهو يفعل معهم بما له من الجلال والجمال ما يفعل القريب بقريبه الحبيب له قال القشيري: ويصح أن يقال: أرجى آية في القرآن هذه الآية؛ لأن الله تعالى لم يقل إنه هادي العباد وأصحاب الأوراد والاجتهاد بل علق ذلك بالإيمان {وأنّ الكافرين} أي: العريقين في هذا الوصف.l
{لا مولى لهم} فيدفع العذاب عنهم وهذا لا يخالف قوله تعالى {وردّوا إلى الله مولاهم الحق}(سورة يونس، آية: ٣٠)
فإنّ المولى فيه بمعنى المالك ثم ذكر سبحانه وتعالى ما للفريقين بقوله تعالى:
{إنّ الله} أي الذي له جميع الصفّات {يدخل الذين آمنوا} أي: أوقعوا التصديق {وعملوا} تصديقاً لما ادعوا أنهم أوقعوه {الصالحات} أي: الطاعات {جنات} أي: بساتين عظيمة الشأن موصوفة بأنها {تجري من تحتها} أي: من تحت قصورها {الأنهار} فهي دائمة النموّ والبهجة والنضارة والثمرة {والذين كفروا يتمتعون} أي: في الدنيا بالملاذ، كما تتمتع الأنعام