فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم» . وعن أنس قال:
«كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وضحك وأمر له بعطاء» .
وعنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً وكان لي أخ يقال له: أبو عمير وهو فطيم كان إذا جاءنا قال: يا أبا عمير ما فعل النغير لنغير كان يلعب به» . والنغير طائر صغير يشبه العصفور إلا أنه أحمر المنقار. وعن الأسود قال: «سألت عائشة: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل في بيته؟ قالت: كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة توضأ ويخرج إلى الصلاة» . والمهنة: الخدمة، وعن عبد الله بن الحرث قال: «ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أم الدرداء تحدث عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أثقل شيء يوضع في ميزان المؤمن يوم القيامة خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذيء» . وعن أبي هريرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: أتدرون أكثر ما يدخل الناس النار؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإن أكثر ما يدخل الناس النار الأجوفان الفرج والفم، أتدرون أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق» .
وعن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن المؤمن يدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار» .
{فستبصر} أي: فستعلم عن قرب بوعد لا خلف فيه علماً أنت في تحققه كالمبصر بالحس الباصر {ويبصرون} أي: يعلم الذين رموك بالبهتان علماً هو كذلك. وقوله تعالى: {بأييكم المفتون} فيه أربعة أوجه:
أحدها: أن الباء مزيدة في المبتدأ، والتقدير: أيكم المفتون فزيدت كزيادتها في نحو: بحسبك زيد، وإلى هذا ذهب قتادة، قال ابن عادل: إلا أنه ضعيف من حيث إن الباء لا تزاد في المبتدأ إلا في حسبك فقط.
الثاني: أن الباء بمعنى في فهي ظرفية كقولك: زيد بالبصرة، أي: فيها، والمعنى: في أي فرقة وطائفة منكم المفتون، أي: المجنون أفي فرقة الإسلام، أم في فرقة الكفر؟ وإليه ذهب مجاهد والفراء.
الثالث: أنه على حذف مضاف، أي: بأيكم فتن المفتون فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وإليه ذهب الأخفش وتكون الباء سببية.
الرابع: أن المفتون مصدر جاء على مفعول كالمقتول والميسور، والتقدير: بأيكم الفتنة، وقيل: المفتون المعذب من قول العرب فتنت الذهب بالنار إذا أحميته قال تعالى: {يوم هم على النار يفتنون} (الذاريات: ١٣) ، أي: يعذبون، وقيل: الشيطان لأنه مفتون في دينه وكانوا يقولون: إنه به شيطان وعنوا بالمجنون هذا، فقال تعالى: سيعلمون غدَاً بأيهم الشيطان الذي يحصل من مسه الجنون واختلاط العقل.
فائدة: {بأييكم} رسمت ههنا بياءين.
{س٦٨ش٧/ش١٦ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ? وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * فَ تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا? لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ * وَتُطِعْ كُلَّ حَ s فٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّآء? بِنَمِيمٍ * مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍ? بَعْدَ ذَالِكَ زَنِيمٍ * أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِءَايَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ا?وَّلِينَ * سَنَسِمُهُ? عَلَى الْخُرْطُومِ}
{إن ربك} أي: الذي رباك أحسن تربية وفضلك على سائر الخلائق {هو} أي: وحده {أعلم} أي: من كل أحد {بمن ضلّ} أي: حاد {عن سبيله} أي: دينه وسلك غير سبيل القصد وأخطأ موضع الرشد {وهو} أي: