للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرعد كما أنّ الخطاف يقتله البرد فيلهمه الله تعالى أن يسكن جزائر البحر التي لا يكون فيها مطر ولا رعد إلى انقضاء أوان المطر والرعد فيخرج من الجزائر وينتشر في الأرض {كلوا} أي: وقلنا لهم كلوا {من طيبات ما رزقناكم} مما لم تعالجوه نوع معالجة وقوله تعالى: {وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} فيه حذف ترك ذكره للاستغناء عنه ودلالة الكلام عليه تقديره كلوا من طيبات ما رزقناكم فامتنعوا من ذلك وسئموه وقالوا: لن نصبر على طعام واحد وسألوه غير ذلك لأنّ المكلف إذا أمر بشيء فتركه وعدل عنه إلى غيره يكون عاصياً بفعل ذلك فلهذا قال تعالى: {وما ظلمونا} أي: بفعل شيء مما قابلوا به الإحسان بالكفران ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بمخالفتهم ما أمروا به وقد سبق تفسير هذه الآية في سورة البقرة.

{وإذ قيل لهم} أي: واذكر يا محمد لقومك إذا قيل لبني إسرائيل {اسكنوا هذه القرية} أي: بيت المقدس {وكلوا منها} أي: من القرية {حيث شئتم وقولوا} أمرنا {حطة وادخلوا الباب} أي: باب القرية {سجداً} أي: سجوداً نحناء وقوله تعالى: {نفغر لكم} قرأه نافع وابن عامر بضم التاء وفتح الفاء على التأنيث والباقون بنون مفتوحة وكسر الفاء وقوله تعالى: {خطاياكم} قرأه نافع بكسر الطاء بعدها همزة مفتوحة ممدودة وبعد الهمزة تاء مضمومة على الجمع وابن عامر كذلك إلا أنه يقصر الهمزة على التوحيد وأبو عمرو بفتح الخاء والطاء وبعد الطاء ألف بعدها ياء وبعد الياء ألف على وزن قضاياكم والباقون بكسر الطاء بعدها همزة مفتوحة ممدودة بعدها تاء مكسورة {سنزيد المحسنين} أي: بالطاعة ثواباً.

{فبدّل الذين ظلموا منهم قولاً غير الذي قيل لهم} فقالوا حبة في شعرة ودخلوا يزحفون على أستاههم أي: أدبارهم {فأرسلنا عليهم رجزاً} أي: عذاباً {من السماء بما كانوا يظلمون} أي: وهذه القصة أيضاً تقدّمت في سورة البقرة لكن ألفاظ هذه الآية تخالف الآية المذكورة في (البقرة، ٥٨)

من وجوه: الأوّل: أنه قال هناك: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية} وهنا قال: {وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية} والثاني: أنه قال هناك: {فكلوا} بالفاء وقال هنا: {وكلوا} بالواو، والثالث: أنه قال هناك: {رغداً} وأسقطه هنا، والرابع: أنه قال هناك: {وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة} وقال هنا: على التقديم والتأخير، والخامس: أنه قال هناك: {نغفر لكم خطاياكم} وقال هنا: {نغفر لكم خطيئاتكم} والسادس: أنه قال هناك: {وسنزيد المحسنين} وهنا: حذف الواو، والسابع: أنه قال هناك: {فأنزلنا على الذين ظلموا} وقال هنا: {فأرسلنا عليهم} الثامن: أنه قال هناك: {بما كانوا يفسقون} وقال هنا: {بما كانوا يظلمون} ولا منافاة بين هذه الألفاظ المختلفة أمّا الأول: وهو أنه قال هناك: {ادخلوا هذه القرية} وقال هنا: {اسكنوا} فلا منافاة بينهما لأنّ كل ساكن في موضع فلا بدّ من الدخول فيه، وأمّا الثاني: وهو قوله هناك: {فكلوا} بالفاء، وقال هنا: {وكلوا} بالواو فالفرق بينهما أنّ للدخول حالة مقتضية للأكل عقب الدخول فحسن دخول الفاء التي هي للتعقيب ولما كانت السكنى حالة استمرار حسن دخول الواو عقب السكنى فيكون الأكل حاصلاً متى شاؤوا فظهر الفرق، وأمّا الثالث: وهو أنه ذكر هناك: {رغداً} وأسقطه هنا فلأنّ الأكل عقب الدخول ألذ وأكمل والأكل مع السكنى والاستمرار ليس كذلك فحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>