والتأنيث جائزين كما تقول: نعم المنزل دارك ونعمت المنزل دارك، فمن ذكر غلب المنزل ومن أنث بنى على تأنيث الدار.
{وأتبعوا في هذه} ، أي: الدنيا {لعنة} ، أي: طرداً وبعداً عن الرحمة {ويوم القيامة} ، أي: وأتبعوا يوم القيامة لعنة أخرى فهم ملعونون في الدنيا والآخرة، ونظيره قوله تعالى في سورة القصص:{وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين}(القصص، ٤٢) . {بئس الرفد} ، أي: العون {المرفود} رفدهم، سأل رافع بن الأزرق ابن عباس عن ذلك فقال: هو اللعنة بعد اللعنة. وقال قتادة: ترادفت عليهم لعنتان من الله تعالى لعنة في الدنيا ولعنة في الآخرة، وكل شيء جعلته عوناً لشيء فقد رفدته به، وسميت اللعنة عوناً؛ لأنها إذا أتبعتهم في الدنيا أبعدتهم عن الرحمة وأعانتهم على ما هم فيه من الضلال. وسميت رفداً أي عوناً لهذا المعنى على التهكم كقول القائل: تحية بينهم ضرب وجيع. وسميت معاناً لأنها أردفت في الآخرة بلغة أخرى ليكونا هاديتين إلى طريق الجحيم. ولما ذكر تعالى قصص الأوّلين قال تعالى:{ذلك} ، أي: المذكور وهو مبتدأ خبره {من أنباء القرى} ، أي: أخبار أهل القرى وهم الأمم السالفة في القرون الماضية، وقوله تعالى:{نقصه عليك} ، أي: نخبرك به يا محمد خبراً بعد خبر، وفائدة ذكر هذه القصص على النبيّ صلى الله عليه وسلم ليعلم السامع أنّ المؤمن يخرج من الدنيا مع الثناء الجميل في الدنيا والثواب الجزيل في الآخرة، وأنّ الكافر يخرج مع اللعنة في الدنيا والعقاب في الآخرة، وإذا تكرّرت هذه الأقاصيص على السمع فلا بدّ وأن يلين القلب وتخضع النفس وتزول العداوة ويحصل في القلب خوف يحمله على النظر والاستدلال. وفي أخباره صلى الله عليه وسلم بهذه القصص من غير مطالعة كتب ولا تتملذ دلالة على نبوّته فإنّ ذلك لا يكون إلا بوحي من الله تعالى {منها} ، أي: القرى {قائم} ، أي: باقٍ كالزرع القائم هلك أهله دونه {و} منها {حصيد} ، أي: عافى الأثر كالزرع المحصود هلك مع أهله.
{وما ظلمناهم} ، أي: بإهلاكهم بغير ذنب {ولكن ظلموا أنفسهم} بالكفر والمعاصي. وقال ابن عباس: يريد وما نقصناهم في الدنيا من النعيم والرزق ولكن نقصوا حظ أنفسهم حيث استخفّوا بحقوق الله تعالى {فما أغنت} ، أي: دفعت {عنهم آلهتهم} ، أي: أصنامهم {التي يدعون} ، أي: يعبدون {من دون الله} ، أي: غيره {من شيء} أي شيئاً فمن مزيدة {لما جاء أمر ربك} ، أي: عقابه {وما زادوهم} بعبادتهم {غير تتبيب} ، أي: غير تخسير، وقيل: تدمير، ولما أخبر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في كتابه بما فعله بأمم من تقدّم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لما خالفوا الرسل وما ورد عليهم من عذاب الاستئصال وبين أنهم ظلموا أنفسهم فحل بهم العذاب في الدنيا.
قال تعالى بعده:{وكذلك} ، أي: ومثل ذلك الأخذ العظيم {أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي} ، أي: القرى {ظالمة} والمراد أهلها ونظيره قوله تعالى: {وكما أهلكنا من قرية بطرت معيشتها}(القصص، ٥٨) وقوله تعالى: {وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة}(الأنبياء، ١٢) فبين تعالى أنّ عذابه ليس مقصوراً على من تقدّم، بل الحال في أخذ كل الظالمين يكون كذلك. ولما بيّن تعالى كيفية أخذ الأمم المتقدّمة، ثم بين تعالى أنه إنما يأخذ جميع الظالمين على ذلك الوجه أتبعه بما يزيده تأكيداً وتقوية بقوله تعالى:{إنّ أخذه أليم} ، أي: مؤلم {شديد} ، أي: صعب مفتت القوى. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أنّ رسول الله صلى الله