وقرأ ابن كثير في الوقف بياء بعد الدال، وفي الوصل بغير ياء وتنوين الدال، والباقون بغير ياء في الوقف والوصل مع تنوين الدال. ولما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات أخبرهم الله تعالى عن عظيم قدرته وكمال علمه بقوله تعالى:
{الله يعلم ما تحمل كل أنثى} من ذكر وغيره وواحد ومتعدّد وغير ذلك {وما تغيض} ، أي: تنقص {الأرحام} من مدّة الحمل {وما تزداد} ، أي: من مدّة الحمل فقد تكون سبعة أشهر وأزيد عليها إلى سنتين عند الإمام أبي حنيفة، وإلى اربع عند الإمام الشافعي، وإلى خمس عند الإمام مالك رضي الله تعالى عنهم.
وقيل: إنّ الضحاك ولد لسنتين وهرم بن حيان بقي في بطن أمّه أربع سنين، ولذلك سمي هرماً. وقيل: ما تنقصه الرحم من الأولاد وتزيده منهم. يروى أنّ شريكاً كان رابع أربعة في بطن أمّه. وقيل: من نقصان الولد فيخرج ناقصاً والزيادة تمام خلقه. وقيل: ما تنقص بالسقط عن أن يتم وما يزداد بالتمام. وقيل: ما تنقص بظهور دم الحيض، وذلك أنه إذا سال الدم في وقت الحمل ضعف الولد ونقص بمقدار حصول ذلك. قال ابن عباس: كلما سال الحيض في وقت الحمل يوماً زاد في مدّة الحمل يوماً ليحصل الجبر ويعتدل الأمر والآية تحتمل جميع ذلك إذ لا تنافي في هذه الأقوال. ويدل لذلك قوله تعالى:{وكل شيء} من هذا وغيره من الآيات المقترحات وغيرها {عنده} ، أي: في علمه وقدرته {بمقدار} في كيفيته وكميته لا يجاوزه ولا يقصر عنه لأنه تعالى عالم بكيفية كل شيء وكميته على الوجه المفصل المبين.
تنبيه: قوله تعالى: {عنده} يجوز أن يكون مجرور المحل صفة لشيء أو مرفوعه صفة لكل أو منصوبه ظرفاً لقوله: {بمقدار} أو ظرفاً للاستقرار الذي تعلق به الجار لوقوعه خبراً.
{عالم الغيب} وهو ما غاب عن كل مخلوق {والشهادة} وهو ما شاهدوه، وقيل: الغيب هو المعدوم والشهادة هو الموجود. وقيل: الغيب ما غاب عن الحس، والشهادة ما حضر في الحس {الكبير} ، أي: العظيم {المتعال} عن خلقه بالقهر المنزه عن صفات النقص فهو تعالى موصوف بالعلم الكامل والقدرة التامّة. وقرأ ابن كثير في الوقف والوصل بياء بعد اللام، والباقون بغير ياء وقفاً ووصلاً. ولما كان علمه تعالى شاملاً لجميع الأشياء قال تعالى:
{سواء منكم} ، أي: في علمه تعالى {من أسرّ القول} ، أي: أخفى معناه في نفسه {ومن جهر به} ، أي: أظهره فقد استوى في علمه تعالى المسرّ بالقول والجاهر به {ومن هو مستخف} ، أي: مستتر {بالليل} ، أي: بظلامه {وسارب} ، أي: ظاهر بذهابه في سربه {بالنهار} والسرب: بفتح السين وسكون الراء الطريق، وقال ابن عباس: سواء ما أضمرته القلوب وأظهرته الألسنة، وقال مجاهد: سواء من يقدم على القبائح في ظلمات الليل، ومن يأتي بها في النهار الظاهر على سبيل التواري والضمير في.
{له} يعود إلى من في قوله {سواء منكم من أسّر القول ومن جهر به ومن هومستخف بالليل} أو للإنسان {معقبات} ، أي: ملائكة تعقبه، والذي عليه الجمهور أنّ المراد بالملائكة الحفظة، وإنما صح وصفهم بالمعقبات إما لأجل أن ملائكة الليل تعقب ملائكة النهار، وبالعكس وإما لأجل أنهم يتعقبون أعمال العباد ويبتغونها بالحفظ والكتب وكل من عمل عملاً، ثم عاد إليه فقد عقب، فعلى هذا المراد من المعقبات ملائكة الليل والنهار، روي عن عثمان أنه قال يا رسول الله أخبرني