وهو يريد العراق، كان أول ما لقينا جنازة قد طلعت فتغير وجهي لذلك، فَقَالَ: كأنك تطيرت فقلت: نعم، فَقَالَ: فلا تفعل فوالله لئن صدقنا الفأل لينعشن الله أمري، فكان كما قال، فأصاب خيراً وبعث إلي بقضاء دينه وقَالَ لي وأنا معه: ما من شيء إِلَّا وقد علمته.
قَالَ سليمان بْن بلال: ثم جاءني كتابه بعد ما استقضى قد كتب:
قلت لك ما من شيء إِلَّا وقد علمته فأقسم لك بالله لأول خصمين جلسا بين يدي في أمر لا والله ما سمعت فِيْهِ بشيء. فإذا جاءك كتابي هَذَا فاسأل ربيعة بْن أبي عَبْد الرحمن عَن كذا وعن كذا، ولا تخبره أني كتبت إليك تسأله فجئت ربيعة فسألته فَقَالَ: صاحبك كتب إليك يسألني عَن هَذَا ? قال: فكأني أمسكت. قال: فإني أسألك وقال: لا أجيبك حتى تخبرني، فأخبرته فأجابني.
وكتب إِلَى يحيى بْن سعيد بذلك. فَقَالَ مُحَمَّد بْن صالح العدوي: كان سبب إشخاص ربيعة بْن أبي عَبْد الرحمن إِلَى العراق أن يحيى بْن سعيد لما استقضى قال: كنت أظن أن بمجالستي لسعيد بْن المسيب وللقاسم وإياس بالمدينة لا يجلس بين يدي خصمان فأعيي بأمرهما، حتى كان أول الخصمين جلسا بين يدي فإذا أمر أحتاج فِيْهِ إِلَى نظر واستخراج، فدخلت على أبي جعفر فذكرت له ذلك وقلت: إن بالمدينة رجلاً من موالي قريش يُقَالُ له: ربيعة بْن أبي عَبْد الرحمن لا غنى بي عنه فبعث إليه فجاء.
حَدَّثَنِي سليمان بْن أبي أيوب أَبُو أيوب المدائني قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سلام الجمحي قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن القاسم الهاشمي قال: كان يحيى بْن سعيد خفيف الحال فاستقضاه أَبُو جعفر فارتفع شأنه فلم يتغير حاله، فقيل له في ذلك فقال: من كانت نفسه واحدة لم يغيره المال ولا الإقتار.