وأَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أَبُو (؟) عُثْمَان عَن سليمان بْن أبي شيخ، قال: كان ببغداد قاض جمحي مكي فتقدم إليه رجل وقدم رجلاً فادعى عليه فأنكر فأحلفه فأبى، فقال: إني أحلفك ثلاثاً فإن لم تحلف حكمت عليك، فقال: ثلاثة له فأبى، فقضى عليه، فقال الرجل: أنا أحلف، فقال: هيهات بعد ما فرت الهرةُ سُدَّت الكُوَّة.
أَخْبَرَنِي إسحاق بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبان النخعي قَالَ: حَدَّثَنِي ابن معقل بْن إبراهيم بْن وداعة عَن أبيه قال: كنت ببغداد في مسجد الجامع في خلافة أبي جعفر إِذ تعرض الخلق إِلَى مجلس القاضي الجمحي، وقد أمره أَبُو جعفر أن يجلس للحسن ولِمُحَمَّد بْن إسحاق بْن عَبْد العزيز. فجلس القاضي الزهري وجاء الْحَسَن فجلس بين يديه مجلس الخصوم، وجاء مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز ليجلس إِلَى جنب الْحَسَن، فكأن الْحَسَن تقذره، فأقبل على مولى له يُقَالُ له: ابن البواب فقال: تعال فاجلس بيني وبين هَذَا الرجس، فأقبل أخ لمُحَمَّد بْن عَبْد العزيز فَقَالَ لَهُ: سنذله. فَقَالَ للحسن بْن زيد: بابن أم رقرق ومأسور النزق تزعم أن في السماء إلهاً وفي الأرض إلهاً ولاك أمير المؤمنين فجحدت نعمته ونعمة آبائه وأردت الخروج عليه. قَالَ: فنظر إليه الْحَسَن ولم يكلمه، ثم التفت إِلَى القاضي وهو ينشد:
وليس ينصف أن أسب مقاعساً ... بآبائي الشم الكرام الحضارم
ولكن نصفا لو سببت وسبني ... بنو عَبْد شمس من قريش وهاشم
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... فأعتد أن أهجو كليباً بدارم
قَالَ: فتركهما الجمحي يتماعنان ساعة ثم أقبل على الزهري فقال: هات ما تقول، قَالَ: جلدني مائة سوط وأنا قاضي المدينة وحرق قضاياي وعلقها