للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان موالي أبي سُفْيَان، وموالي كل هاشمي بالعراق ضووا إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن الحرث، لمكانه من الهاشمية والسُفْيَانية، لأن أمه هند بنت أبي سُفْيَان، ومها صفية بنت عَمْرو بْن أمية، فكان آل هرمز قد أعطوا بالبصرة شرفاً ومالاً، وكانوا يعدون في موالي عَبْد اللهِ بْن الحارث، فخطبها ابن عم لها، وخطبها معروف بْن سويد مولى سليمان بْن علي، فادعى كل واحد منهما أنها زوجته نفسها، واختصما إِلَى عباد بْن منصور، وكان محموداً في القضاء، وكان ابنه سلمة بْن عباد يغني وكان حسن الغناء، مرتجلاً من غير أن يكتسب بالغناء، أو ينسب إليه.

وكان اتخذ غلاماً أسود يسمى مسجحاً، فعلمه الغناء، فقلب أشعار فارس وصيرها في أشعار العرب، فكان يُقَالُ: له مسجح الصغير، لأن سعيد بْن مسجح القديم كان مغنياً، فاختصما إِلَى عباد يوجه القضاء لابن عمها على معروف بْن سويد، وكان القضاء إِلَى مُحَمَّد بْن سليمان، وكان هو الذي ولى عباداً، فأرسل إليه مُحَمَّد بْن سليمان: إن كنت عازماً على أن تقضي على معروف، فاعتزل القضاء. فاعتزل، فمكث أياماً ثم أرسل إليه إن أعدتك على القضاء أقاض أنت لمعروف ? قال: نعم، فرده على القضاء، فاختصما إليه، قَالَ: مُحَمَّد بْن سليمان الهاشمي: فلم يبق أحد من أشراف أهل البصرة إِلَّا حضر مجلس عباد ذلك اليوم، لشرف حمادة، وكانت من أجمل النِّسَاء، فلما تنازعا فيها قَالَ: لها عباد: ما تقولين ? وهي كاشفة وجهها لتعرف، فخاطبته فيما تقول يا عَبْد اللهِ، فضحك الناس بها حتى أخجلوها، فحكم بها عباد لابن عمها، فأبطل دعوى معروف، فغضب من ذلك مُحَمَّد بْن سليمان وكره أن يعزله علانية فَقَالَ: ابنه سهل بْن عباد:

ألا يأيها القاضي ال ... ذي الجور له عادة

أعدناك لكي تقضي ... لمعروف بحمادة

فبلغ ذلك أباه فَقَالَ:

بدر داود شهر وبسر جيناكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>