نحو داره لجواره، وقدم الآخران فشتم إسحاق وأمر به فحبس حتى كلم فِيْهِ فأطلقه وقال: لم نجد ليحيى شكراً، وذلك أن أبا سلمة الداعية قدم قبل ذلك في أمر يحيى يطالبه وغيره من أهل البصرة بأموال ليحيى بْن خاقان، ادعى عليهم أنهم أودعوها، فحبسهم أَبُو سلمة ليطالبهم بذلك المال، وعلى البصرة يومئذ يحيى بْن عَبْد اللهِ، أخو دينار بْن عَبْد اللهِ، وقد كتب إليه يأمر بإنفاذ أمر أبي سلمة، فاستوحش الناس لما صنع أَبُو سلمة، وكاد أمر الصيارفة ينكشف، فكلم مُحَمَّد بْن حرب يحيى بْن عَبْد اللهِ وأَبُو سلمة حاضر، فقال: هَذَا الرجل قد مد يده إِلَى قاضي البلد ووجوه صيارفته، حتى أعطب أموال الناس، وودائعهم عند الصيارفة، وفي هَذَا فساد أموال الناس ويكشف أحوالهم، ولم يؤسر بهَذَا كله ولا يرضاه السلطان الذي فوقه، ونحو من هَذَا الكلام.
فَقَالَ: أَبُو سلمة ليحيى بْن عَبْد اللهِ: ألم آتك بكتاب السلطان يأمرك بإنفاذ أمري ? قال: بلى، قال: فإني آمرك بحبس هَذَا فقد أتلف أموال السلطان، وزين لهؤلاء الخونة الخيانة، وكسر ما في أيديهم، فراجعه يحيى بْن عَبْد اللهِ وقال: إن مثل هَذَا لا يحبس، وقدره يرتفع عما أمرت به فيه، قال: أنت أعلم فاكتب بهَذَا، فأقبل يحيى على ابن حرب، فقال: يا أبا قبيصة أحب أن تتحول من مقعدك هَذَا إِلَى غيره، فقام فتحول، فأقبل يحيى بْن عَبْد اللهِ ومن يحضره، فيهم مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ العتبي، وغيره من وجوه البصرة، وقد كانوا تواطئوا قبل ذلك على الكلام مع ابن حرب، ثم حبسوا، فأقبلوا على أبي سلمة فقالوا: إن الذي أمرت به من حبس هَذَا الرجل أعظم مما يذهب إليه، إن حبسه لا يسوغ لك، ولا يؤمن أن ينبعث عليك منه ما تكره؛ فلم يزالوا يجيبونه ويهشونه حتى أقلع عَن رأيه؛ وانصرف مُحَمَّد بْن حرب إِلَى منزله؛ وكان من أشد الناس إقبالاً على أبي سلمة ونصرة ليحيى بْن أكثم، فلم ير جعفر بْن سليمان، قَالَ: قثم: فكان يحيى بْن أكثم يسألني الثبوت عنده؛ وكان أَبُو سلمة توعده وكان يعلم مكانتي من الْحَسَن بْن سهل، وكان لي هاشاً مطيعاً قائماً؛ قَالَ: ابن حرب: