أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عثمان، قال: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد اللهِ الحواري، قال: كن عيسى ابن أبان قليل الكتاب عَن مُحَمَّد بْن الْحَسَن ولم يخبرني إنسان أنه رآه عند أبي يوسف، وقيل لي إن الأحاديث التي ردها على الشافعي أخذها من كتاب سُفْيَان بْن سحبان، وكان عيسى قد أمر بوجىء عنق رجل من عمال المسجد الجامع مذكور في أهله، يدعى علي بْن أبيان الجبلي، ينسب إِلَى جبلة بْن عَبْد الرحمن، وهو ابن عمهم، فشخص إِلَى مدين السلام، فاستخرج كتاباً إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّد بْن حفص بْن عَائِشَة، فلما بلغ عَبْد اللهِ بْن عَائِشَة أنه مكتوب إليه في ذلك كرهه، وقال: إن جاءني الكتاب في ذلك استعفيت من النظر بينهما، وعمل نسخة يستعفى فيها.
ويذكر أن عيسى قاض على بلدة ليس بمعروف، وأنه لا يأمن من أن يعود عليه بما يكره، ثم رجع عَن رأيه حين جاءه الكتاب، ووعد علي بْن أبان النظر بينهما، واتعدوا لذلك يوماً معلوماً؛ فأرادوا عيسى أن يتحول من مجلسه الذي كان يجلس فِيْهِ للحكم؛ فأبى أن يفعل، فسئل أن يدخل المقصورة ليحول بين العوام وبينهم لكثرة الناس واجتماعهم، فأبى أن يفعل، فصار ابن عَائِشَة إليه في مجلسه فجلس إِلَى جنبه، وجلس ابن أبان بين أيديهما فسأل ابن عَائِشَة على أن يجلسه معه، فأراد ابن عَائِشَة عيسى على ذلك فأبى، فنظر بينهما على حالهما في مجلسهما، فادعى على عيسى أشياء؛ منها أنه أمر بوجىء عنقه، فأقر عيسى أن قد فعل وأنه استوجب الأدب عندي فأمرت بوجىء عنقه فَقَالَ: ابن عَائِشَة: فليس من تأديب للقضاة وجء الأعناق فما كان يؤمنك أن يتلف ? فربما غلب من ذلك بعض من يؤمن به فقال: قد كان ذلك ولم أفعله إِلَّا عند استحقاق منه للأدب، وتفرقوا ولم يلزمه ابن عَائِشَة حكماً، ثم سأل على ابن عَائِشَة العودة للنظر بينهما، فأرسل ابن عَائِشَة إِلَى عيسى بعده فأبى عيسى أن يفعل فَقَالَ: لم تؤمر أن تجعلني خصماً أناظره كلما أراد إنما أمرت بالنظر بيننا فنظرت. وكان عيسى سخياً عفيفاً ولي القضاء عشر سنين، وكان ذا مال قبل ولايته