للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أربعاً، وكذلك آخر ما كبر على الجنائز كان أربعاً، وجمع عمر الناس على أربع كما سبق، ولأن أكثر الفرائض لا تزيد على أربع (١) .

وكان من الممكن ألا نناقش هذا الخلاف، فمع أن الأربع رأي من ذكرنا وحجتهم واضحة، إلا أن الخمس قال بها أبو يوسف، وأجازها الحنابلة، وأخذ بها ابن أبى ليلى، وكل قد روى عن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، حتى أن أصحاب عبد الله بن مسعود قالوا له: إن أصحاب معاذ يكبرون على الجنائز خمساً فلو وقت لنا وقتاً. فقال: إذا تقدمكم إمامكم فكبروا ما يكبر، فإنه لا وقت ولا عدد (٢) . وروى عنه أنه قال: التكبير تسع وسبع وخمس وأربع، وكبر ما كبر الإمام (٣) .

مثل هذا أيضا قد روى عن طريق الشيعة، فقد رووا أن أبا جعفر الباقر سئل عن التكبير على الجنازة هل فيه شيء موقت؟ فقال: لا، كبر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحد عشر، وتسعاً، وسبعاً، وخمساً، وستاً، وأربعاً. ورووا عن الإمام على أنه كبر خمساً وأربعاً (٤) .

ومع هذا فهم يأبون إلا الخلاف؛ فقالوا بالخمس، وأجازوا ما زاد، ولم يجيزوا الأربع إلا مع التقية، أو كون الميت مخالفا لهم، لأن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان ـ في زعمهم ـ يصلى على المؤمنين فيكبر خمساً، وعلى المنافقين فيكبر أربعاً (٥) .


(١) انظر المبسوط ٢ / ٦٣، والأم ١ / ٢٣٩، وحاشية الدسوقى ١ / ٤١١، والمغنى ... ٢ / ٣٩٢ ـ ٣٩٤، وبداية المجتهد ١ / ٢٤٠، ونيل الأوطار ٤ / ٩٨ ـ ١٠١، وسبل السلام ٢ / ١٠١ ـ ١٠٣.
(٢) انظر المغنى ٢ / ٢٩٣.
(٣) انظر: نيل الأوطار ٤ / ١٠٠.
(٤) انظر: وسائل الشيعة ٣ / ٤٢٣، ص ٤١٦.
(٥) انظر المرجع السابق ص ٤١٠ – باب وجوب تكبيرات الخمس في صلاة الجنازة وإجزاء الأربع مع التقية، أو كون الميت مخالفا.

<<  <   >  >>