من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لم يبق أحد سمعه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيره وغير عقبة، فلما قدم أتى منزل مسلمة بن مخلد الأنصارى، وهو أمير مصر، فأخبر به، فجعل فخرج إليه فعانقه، ثم قال: ما جاء بك يا أبا أيوب؟
فقال: حديث سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لم يبق أحد سمعه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيرى وغير عقبة، فابعث من يدلنى على منزله. قال: فبعث معه من يدله على منزل عقبة، فأخبر عقبة به فعجل فخرج إليه فعانقه، وقال: ما جاء بك يا أبا أيوب؟ فقال: حديث سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لم يبق أحد سمعه غيرى وغيرك فى ستر المؤمن. قال عقبة: نعم، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:" من ستر مؤمناً فى الدنيا على خزية ستره الله يوم القيامة ".
فقال له أبو أيوب: صدقت. ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته فركبها راجعاً إلى المدينة، فما أدركته جايزة مسلمة بن مخلد إلا بعريش مصر.
هذان مثلان، فيهما من الدلالة ما يكفى ويغنى، والرحلة فى طلب الحديث معلومة مشهورة.
[حوار الإمام الشافعى لفرقة ضلت]
إذن كان السلف الصالح متمسكاً بسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تمسكهم بكتاب الله العزيز، غير أن فرقة شذت فى عصر الإمام الشافعى، فردت سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورأت أنها لا تقدم مع الكتاب الذى أنزله الله تبياناً لكل شىء. وأشار الإمام الشافعى إلى هذه الفرقة، وذكر حواره مع واحد منها فى كتاب جماع العلم، فى الجزء السابع من كتابه الأم (ص ٢٥٠) .
وقد بدأ الإمام كتاب جماع العلم بقوله:
لم أسمع أحداً نسبه الناس، أونسب نفسه إلى علم، يخالف فى أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والتسليم لحكمه، بأن الله عز وجل لم يجعل لمن