هذا هو حوار الإمام الشافعى الذى هدى من حاوره بعد ضلال، ولكن هداية هذا الرجل لا تعنى عدم ضلال الطائفة. ويأتى القرن الثالث، الذى توفى الإمام الشافعى في العام الرابع من بدايته، ليكون العصر الذهبى لجمع السنة وتنقيتها وتدوينها، حيث دون مسند الإمام أحمد، والصحيحان، وكتب السنن الأربعة، وغيرها من الكتب الآخرى: كسنن سعيد بن منصور، والدارمى، ومسانيد إسحاق بن راهويه، وبقى بن مخلد، والبزار، وأبى يعلى.
غير أن ذاك القرن ضم أيضاً من حاول هدم السنة المطهرة.
ننظر مثلا إلى كتاب تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة المتوفى سنة ٢٧٦ هـ. فنراه جعل كتابه في الرد على أعداء أهل الحديث، والجمع بين الأخبار التي ادعوا عليها التناقض والاختلاف، والجواب عما أوردوه من الشبه على بعض الأخبار المتشابهة أو المشكلة بادئ الرأى. ولا يكتفى ابن قتيبة بالرد على الشبه، وبيان سوء فهم من أثاروا تلك الشبه، وإنما يتحدث عن الأشخاص أنفسهم الذين أثاروها حتى يعرف القارئ سبب عدائهم لأهل الحديث.
فيذكر منهم النظام ويقول: وجدنا النظام شاطرا من الشطار، يغدو على سكر، ويروح على سكر، ويبيت على جرائرها، ويدخل في الأدناس، ويرتكب الفواحش والشائنات ... إلخ
وذكر أن النظام خرج على إجماع الأمة، وطعن في أبى بكر وعمر وعلى وابن مسعود وأبى هريرة، ثم عقب ابن قتيبة بعد هذا بقوله: هذا هو قوله- أى ... النظام - في جلة أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورضى عنهم، كأنه لم يسمع بقول الله