رأينا فيما سبق ما رواه الإمامان مسلم وأحمد عن زيد بن أرقم، وهذا لا خلاف حول صحته.
ورأينا الروايات الأخرى لهذا الحديث، وظهر ما بها من ضعف. وهنا ملحظ هام وهو أن الضعف أساساً جاء من موطن واحد وهو الكوفة. وهذا يذكرنا بقول الإمام البخاري في حديث رواه عطية: أحاديث الكوفيين هذه مناكير.
ومن هنا ندرك لماذا اعتبر ابن الجوزي هذا الحديث من الأحاديث الموضوعة، وإن كانت الروايات في جملتها كما يبدو لنا لا تجعل الحديث ينزل إلى درجة الموضوع.
وفى فيض القدير شرح الجامع الصغير ذكر الحديث من مسند الإمام أحمد، ومعجم الطبرانى رواية عن زيد بن ثابت، وصحح الحديث السيوطى والمناوى، وقال المناوى:" قال الهيثمى: رجاله موثقون، ورواه أيضاً أبو يعلى بسند لا بأس به، والحافظ عبد العزيز بن الأخضر وزاد أنه قال: في حجة الوداع، ووهم من زعم وضعه كابن الجوزي. قال السمهودى: وفى الباب ما يزيد على عشرين من الصحابة " ا. هـ.
وتحدثنا من قبل عما رواه الإمام أحمد عن زيد بن ثابت، وبينا ضعف الإسناد، وبالنظر فيما رواه الطبرانى نجد موطن الضعف نفسه. فهو من رواية القاسم بن حسان، فقول الهيثمى يعنى توثيق القاسم.
وما ذكره عن حجة الوداع هنا بيناه من قبل. فالتصحيح إذن غير مقبول، غير أننا قد نوافق على عدم جعل الحديث من الموضوعات، ومع هذا فابن الجوزي قد يكون له ما يؤيد رأيه، فليس من المستبعد أن يكون الحديث كوفى النشأة، وأن يكون مصنوعاً في دار الضرب التي أشار إليها الإمام مالك، ومن هنا يمكن أن ينسب إلى عشرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، بل إلى سبعين