إن الحمد كله لله نحمده سبحانه وتعالي ونستهديه، ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونسأله عز وجل أن يجنبنا الزلل في القول والعمل. ونصلى ونسلم على رسله الكرام، وعلى أولهم خاتم الأنبياء والمرسلين، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فمنذ نحو أربعين سنة بدأت الاطلاع على كتب الشيعة الجعفرية الاثنى عشرية، والاتصال ببعض علمائهم. وشجعني على هذا أستاذي المرحوم الشيخ محمد المدني، أحد دعاة التقريب بين المذاهب الخمسة، حيث اعتبروا المذهب الشيعي هذا مذهباً خامساً، ولذلك كانت رسالتي للماجستير في الفقه المقارن بين الشيعة الإمامية - أي الجعفرية الاثنى عشرية - والمذاهب الأربعة.
غير أنني عندما بدأت الدراسة، ثم قرأت كثيراً من كتبهم، وجدت الأمر على خلاف ما تصوره دعاة التقريب، حيث إن عقيدتهم في الإمامة، وما ينبنى عليها، تمنع التقريب وتحول دونه، فإن هذه العقيدة لا تصح إلا بالطعن في خير أمة أخرجت للناس، حيث يعتبر باقي الصحابة - وحاشاهم - مقرين للمعصية، راضين عنها.
وإذا كانت مسألة الإمامة في ذمة التاريخ، فلا حاجة لإثارتها، وخلاف الأمس لا يمنع تقريب اليوم، ومن هنا كانت رسالتي للدكتوراه عن أثر الإمامة في الفقه الجعفرى وأصوله، وللأسف الشديد أنني وجدت هذه العقيدة الباطلة قد أفسدت الكثير من أصول الفقه. فكيف تكون دعوة التقريب؟
إن قلنا للشيعة: دعوا مسألة الإمامة في مجال العقيدة، ولا تجعلوا لها أثراً في التشريع وأصوله حتى تصبحوا كأي مذهب من مذاهب أهل السنة والجماعة، أفيقبلون؟