للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثالث: مفهوم السنة عندهم]

قال أحد علمائهم المعاصرين: -

" السنة في اصطلاح الفقهاء: قول النبى أو فعله أو تقريره " ثم قال: " أما فقهاء الإمامية بالخصوص - فلما ثبت لديهم أن المعصوم من آل البيت يجرى قوله مجرى قول النبى، من كونه حجة على العباد واجب الاتباع - فقد توسعوا في اصطلاح السنة إلى ما يشمل قول كل واحد من المعصومين أو فعله أو تقريره، فكانت السنة باصطلاحهم: قول المعصوم أو فعله أو تقريره.

والسر في ذلك أن الأئمة من آل البيت - عليهم السلام - ليسوا هم من قبيل الرواة عن النبى والمحدثين عنه، ليكون قولهم حجة من جهة أنهم ثقات في الرواية، بل لأنهم هم المنصوبون من الله تعالى على لسان النبى لتبليغ الأحكام الواقعية، فلا يحكون إلا عن الأحكام الواقعية عند الله تعالى كما هي، وذلك من طريق الإلهام كالنبى من طريق الوحى أو من طريق التلقى من المعصوم قبله كما قال مولانا أمير المؤمنين رضي الله عنه: علمنى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألف باب من العلم ينفتح لى من كل باب ألف باب. (١)

وعليه فليس بيانهم للأحكام من نوع رواية السنة وحكايتها، ولا من نوع الاجتهاد في الرأى والاستنباط من مصادر التشريع بل هم أنفسهم مصدر


(١) اقرأ هذا القول المنسوب لأمير المؤمنين في الفصل السادس ص ١٥٤، ١٥٥ واقرأ في الرواية ذاتها: " إن عندنا علم ما كان، وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ... وما يحدث بالليل والنهار، الأمر من بعد الأمر، والشىء بعد الشىء إلى يوم القيامة " ومعلوم أن الإمام علياً - رضى الله عنه - لم يختص بعلم دون سائر الأمة ولا ادعى هذا لنفسه فضلا عن أن يزعم أنه يعلم ما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. ولكن إذا وجد من أله عليا، فليس بمستغرب أن يوجد من ينسب هذا العلم له.

<<  <   >  >>