للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: المباهلة

في آية المباهلة قالوا: اتفق المفسرون كافة أن الأبناء إشارة إلى الحسن والحسين، والنساء إشارة إلى فاطمة، والأنفس إشارة إلى على رضي الله تعالى عنه. ولا يمكن أن يقال: إن نفسهما واحدة، فلم يبق المراد من ذلك إلا ... المساوى، ولا شك في أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل الناس فمساويه كذلك أيضاً (١) .

ونلاحظ هنا:

لو سلمنا بكل ماسبق فإن الآية الكريمة لا تنص على إمامة أحد، لأن ولاية أمر المسلمين تحتاج إلى قدرات خاصة تتوافر في صاحبها، حتى يستطيع أن يقود الأمة بسلام، ويرعى مصالحها على الوجه الأكمل، والآية الكريمة لا تشير إلى شىء من هذا ولاتتعرض للخلافة على الإطلاق، وإنما تذكر الأبناء والنساء والأنفس في مجال التضحية لإثبات صحة الدعوى، وهؤلاء المذكورون من أقرب الناس إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبهذا يتحقق للمعاندين صحة دعواه لتقديمه للمباهلة أقرب الناس إليه. وفرق شاسع بين مجال التضحية ومجال الإمامة، ففي التضحية يمكن أن يقدم النساء والصغار ولكنهم لا يقدمون للخلافة.

القول بأن الإمام عليا يساوى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غلو لا يقبله الإمام نفسه كرم الله وجهه، ويجب ألا يذهب إليه مسلم، مكانة الرسول المصطفى غير مكانة من اهتدى بهديه واقتبس من نوره.

لو قلنا: أن الآية الكريمة تدل على أفضلية الإمام على رضي الله عنه فإن إمامة المفضول مع وجود الأفضل جائزة حتى عند بعض فرق الشيعة أنفسهم كالزيدية، وهذا لا يمنعه الشرع ولا العقل، لأن المفضول بصفة عامة قد


(١) كشف المراد ص ٣٠٤، وانظر مصباح الهداية ص ٩٩-١٠٣

<<  <   >  >>