وننتقل بعد هذا إلى عصرنا الحديث، حيث زات الطامة، وكثر الطاعنون، وهم أصناف:
فمنهم بقايا الفرق، وأشرت إلى بعض آنفًا، وهم لا يكتفون بما فى كتب من ضلال، ولكنهم من وقت لآخر يثيرون ما يريدون به هدم السنة: كالطعن في صحابى جليل راوية، أو راو أجمعت الأمة على توثيقه، أو كتاب صحيح تلقته الأمة بالقبول ... إلخ.
والرافضة أكثرها طعنًا، وجرأة على الله تعالى، وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
فمنهم من يطعن لجهله ما يتصل بالسنة، فيتشكك ويشكك فى ثبوتها، وهو لا يدرى أن البشرية كلها فى تاريخها الطويل لم تعرف علما نقل من جيل إلى جيل بالدقة التي نقل بها حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو رجع إلى كتب مصطلح الحديث، وعلم الرجال، وشروح السنة، لاستراح وأراح.
ومنهم من دفعه هذا الجهل إلى القول بأن القرآن الكريم وحده يكفى، مستدلاًّ بقوله تعالى:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} وقوله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} .
وهذا جهل بالكتاب والسنة معًا، ووقوع فيما حذر منه الله عز وجل، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وردة إلى قول الطائفة التي ذكرها الإمام الشافعى. ولو أن هؤلاء قرءوا حوار الشافعى، وتدبروا ما ذكرنا من آيات كريمة، وأحاديث شريفة، لأدركوا مدى ضلالهم وبعدهم عن سواء السبيل، والعجيب أن هؤلاء أسموا أنفسهم بالقرآنيين، والقرآن نفسه يشهد على بطلان دعواهم.