بعده إلا اتباعه. وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا كتاب الله أو سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله تعالى علينا، وعلى من بعدنا وقبلنا، فى قبول الخبر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحد لا يختلف فى أن الفرض والواجب قبول الخبر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلا فرقة سأصف قولها إن شاء الله تعالى. ثم قال رحمه الله وجزاه خيراً:
باب حكاية قول الطائفة التى ردت الأخبار كلها
قال الشافعى رحمه الله تعالى: قال لى قائل ينسب إلى العلم بمذهب أصحابه: أنت عربى، والقرآن نزل بلسان من أنت منه، وأنت أدرى بحفظه، وفيه لله فرائض أنزلها، لو شك شاك ـ قد تلبس عليه القرآن بحرف منها ـ استتبته، فإن تاب وإلا قتلته. وقد قال الله عز وجل فى القرآن:{تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ} . فكيف جاز عند نفسك، أو لأحد فى شىء فرض الله ـ أن يقول مرة: الفرض فيه عام، ومرة: الفرض فيه خاص، ومرة: الأمر فيه فرض، ومرة: الأمر فيه دلالة، وإن شاء: ذو إباحة؟
وأكثر ما فرقت بينه من هذا عندك حديث ترويه عن رجل عن آخر عن آخر، أو حديثان أو ثلاثة، حتى تبلغ به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد وجدتك ومن ذهب مذهبك لا تبرءون أحداً لقيتموه وقدمتموه فى الصدق والحفظ، ولا أحداً لقيت ممن لقيتم ـ: من أن يغلط وينسى ويخطئ فى حديثه. بل وجدتكم تقولون بغير واحد منهم: أخطأ فلان فى حديث كذا، وفلان فى حديث كذا. ووجدتكم تقولون، لو قال رجل لحديث أحللتم به وحرمتم من علم الخاصة: لم يقل هذا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنما أخطأتم أو من حدثكم، وكذبتم أو من حدثكم ـ: لم تستتيبوه، ولم تزيدوا: على أن تقولوا: بئس ما قلت.