أفيجوز أن يفرق بين شىء من أحكام القرآن، وظاهره واحد عند من سمعه ـ: يخبر من هو كما وصفتم فيه؟ وتقيمون أخبارهم مقام كتاب الله، وإنكم تعطون بها وتمنعون بها؟
قال: فقلت: إنما نعطى من وجه الإحاطه، أو من جهة الخبر الصادق، وجهة القياس. وأسبابها عندنا مختلفة، وإن أعطينا بها كلها فبعضها أثبت من بعض.
قال: ومثل ماذا؟
قلت: إعطائى من الرجل بإقراره، وبالبينه، وإبائه اليمين وحلف صاحبه. والإقرار أقوى من البينة، والبينة أقوى من إباء اليمين ويمين صاحبه. ونحن وإن أعطينا عطاء بها واحداً فأسبابها مختلفة.
قال: وإذا قمتم على أن تقبلوا أخبارهم، وفيهم ما ذكرت من أمركم بقبول أخبارهم، وما حجتكم فيه على من ردها؟
فقال: لا أقبل منها شيئاً إذا كان يمكن فيه الوهم، ولا أقبل إلا ما أشهد به على الله، كما أشهد بكتابه، الذى لا يسع أحداً الشك فى حرف منه. أو يجوز أن يقوم شئ مقام الإحاطة وليس بها؟
فقلت له: من علم اللسان الذى به كتاب الله وأحكام الله، دله علمه بهما على قبول أخبار الصادقين عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والفرق بين ما دل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الفرق بينه من أحكام الله. وعلم بذلك مكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. إذ كنت لم تشاهده خبر الخاصة وخبر العامة.
قال: نعم.
قلت: فقد رددتها إذ كنت تدين بما تقول!
قال: أفتوجدنى مثل هذا، مما تقوم بذلك الحجة فى قبول الخبر؟ فإن أوجدته كانت أزيد فى إيضاح حجتك، وأثبت للحجة على من خالفك، وأطيب لنفس من رجع من قوله لقولك.